احكام احدهما فى الاخر , و تعاضدا و توافقا فى القول بالحركة فى الجوهر الطبيعى
مع بقاء صورته على توارد فعله - سبحانه - متشابها فبالتوغل و الغور فيما أتى
بها فى المقام فى التجدد و الحركة يعلم أنهما معنى فارد فى الجوهر الطبيعى لن
ينفك احدهما عن الاخر قط و ان تغايرا مفهوما بل خارجا ايضا من وجه اشرنا اليه
فعليك بما ابانه قلمه الشريف و افاضه :
(
حكمة عرشية يبطل بها شبهة فرشية :
لعلك ترجع و تقول رادا علينا مناقضا لما قررنا من اتحاد حقيقة العلم و القدرة و
الارادة و غيرها من نعوت الكمال و صفات الجمال عينا و عقلا بلا اختلاف حيثية لا فى
الخارج و لا فى الذهن و لو بحسب الاعتبار , بأنه لو كان الأمر كما قررت و صورت
لكان كل عالم قادرا و كل قادر مريدا , بل يلزم من ذلك كون كل موجود عالما قادرا
حيا مريدا مع أن الواقع ليس كذلك بديهة و اتفاقا فان كل أحد يعلم أن الأحجار
و الجمادات ليست علماء قادرين مريدين) .
قلنا : لو كنت أيها المناظر المعترض ذا قلب منور بنور الكشف و العرفان و
ذا بصيرة غير محتجبة بحجب الأغشية و الأكوان لشاهدت جميع الموجودات التى فى
الارض و السموات عقولا كانت أو نفوسا أو صورا أو اجساما أو أعراضا احياء
عالمين
قادرين مريدين , لكن على تفاوت وجوداتها فان هذه الصفات اذا كانت متحدة
الوجود كانت شدتها وضعفها و كمالها و نقصها و خلوصها و شوبها تابعة لشدة
الوجود و ضعفه و كماله و نقصه و خلوصه و شوبه فالمادة الجسمية إذا حقق الأمر فى
نحو وجودها الخارجى ظهر أن وجودها متضمن للعدم , و ظهورها مندمج فى الخفاء ,
و حضورها متحصل بالغيبة , و بقاؤها منحفظ بالتجدد و الزوال , و استمرارها منضبط
بتوارد الأمثال , و ذلك من وجهين :
احدهما من جهة الامتداد و الانبساط فى المكان و افتراق كل جزء منها عن سائر
الأجزاء فى الكون الوضعى و الوجود التحيزى , و قد علمت أن كونها فى الوضع و
الحيز هو بعينه نحو وجودها فاختلاف اجزاء الجسم فى الوضع و المكان هو بعينه
اختلاف فى الوجود و التشخص , و كون اجزاء الجسم بحيث حضور كل منها يستصحب عدم
سائر الأجزاء هو مقوم ذاته و حقيقة وجوده و محصل ماهيته و هويته الاتصالية
فذاته
متقومة بالأعدام و الاحتجابات فذاته فى غشاوة من ذاته لأن ذاته محتجبة عن ذاته
بذاته , و غائبة عن نفسها بنفسها فضلا عن أن يكون الشى ء محتجبا بشى ء آخر عن نفسه
, او خافيا بنفسه عنه شى ء آخر أو غائبا بنفسه عن شى ء آخر .