ثم بعد تسعة أيام ينفصل الرأس عن المنكبين و الأطراف عن الضلوع و البطن
تميزا
يحس فى بعضهم و يخفى فى بعضهم حتى يحس بعد ذلك باربعة أيام تكملة الأربعين ,
و يتأخر فى النادر إلى خمسة و اربعين يوما . فالأقل فى ذلك ثلاثون يوما . و
الذكر
اسرع فى ذلك كله من الأنثى , و يشبه أن يكون اقل مدة تصور الذكر ثلاثين يوما .
و اول مايجد المنى متنفسا يتنفس . و اول ما تعمل المصورة انما تعمل مجمع الحار
الغريزى ثم المخارج و المنافذ . ثم بعد ذلك يأخذ الغاذية فى العمل . و عند
بعضهم أن الجنين اذا أتى على تصوره ضعيف ما يتصور فيه تحرك , و إذا أتى على
تحركه ضعف ما تحرك فيه ولد . و اللبن يحدث مع تحرك الجنين . الى آخر ما
أفاد و أجاد .
و أما ما فى الأسفار فمنها أن النفس الناطقة المدركة للمعقولات بالفعل إنما
تحدث لمن تحدث فى حدود الاربعين عاما بحسب الغالب . و أما النفس المتميزة
عن سائر النفوس الحيوانية باستعدادها للكمال العقلى و وقت تعلقها فزعم الشيخ
الرئيس فى ذلك أن منى المرأة تصير ذات نفس بنفوذ قوة الذكورية فيه فان الروح
يشبه أن يتكون من نطفة الذكر و البدن من نطفة الأنثى فاذا صار ذلك ذا نفس
تحركت النفس فيه الى تكميل الأعضاء و تكون حينئذ النفس غاذية إذ لا فعل لها غير
ذلك ثم اذا استقرت فيها القوة الغاذية اعدت للنفس الحسية فيكون فيها قوة
قبول النفس الحسية و إن كانت الحسية فى ذوات النطق و النطقية واحدة لأن
الاعضاء الحسية و النطقية تتم معا , و لا كذلك الغاذية و أعضائها , و ايضا فاعضاء
الحيوان لا يعمها الحس و يعمها الاغتذاء فلا يبعد أن تكون النطفة يحصل فيها
الغاذية مستفادة من الأب , و الأخرى تحدث من بعد .
و يجوز أن يكون الغاذية التى جائت من الأب يبقى إلى أن يستحيل المزاج
استحالة
ما , ثم يتصل به الغاذية الخاصة كأن المستفادة من الاب لا تبلغ من قوتها ان يتم
التدبير الى آخره , بل تفى بتدبيرها مدة ثم يحتاج الى اخرى كأن مايؤخذ من الأب
قد تغير عما عليه الواجب فليس من نوع الغاذية التى كانت فى الاب و التى فى
الولد , و لكن لم يخرج التغير به أن يعمل عملا ما مناسبا لذلك العمل . و كيفما
كان فاذا صار القلب و الدماغ موجودين فى الناطق تعلقت بها النفس الناطقة و
يفيض منها الحسية , أما النطقية فيكون غير مادية و لكنها لا تكون عاقلة بل تكون
كما فى السكران و المصروع و انما يستكمل بأمور من خارج .
قال - قدس سره([ : هذا ما نقله الفخر الرازى عن الشيخ , و إنى ما وجدت فى
كتبه هذه العبارة . و لا يبعد أن تكون مذكورة فى شى ء منها .