المعنوى , فلو نفخ فيها فى ذلك الوقت على هذه الحالة لخرج عيسى - عليه السلام -
لا يطيقه أحد لشكاسة خلقه كحال أمه , فلما قال لها : انما انا رسول ربك جئت
لأهب لك غلاما زكيا , انبسطت عن ذلك القبض و انشرح صدرها فنفخ فيها فى ذلك
الحين عيسى - عليه السلام - .
و قال القيصرى : فى بيانه : قوله( : بجمعية منها) أى بجميع هممها و قواها
الروحانية . قوله( و هو الروح المعنوى) أى ذلك الحضور التام هو الروح
المعنوى
, لذلك يجعل الحضور فى الصلوة بمثابة الروح لها , و الصلوة مع عدم الحضور
كالبدن الذى لا روح فيه . قوله( : انبسطت عن ذلك القبض) . . . و انما
انشرح صدرها و انبسطت من ضجرها لأن الله تعالى كان بشرها بعيسى كما قال :
( إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه أسمه المسيح عيسى بن
مريم وجيها فى الدنيا و الاخرة و من المقربين)
[1] . فتذكرت ذلك و زال انقباضها فخرج عيسى - عليه السلام - منبسطا منشرح
الصدر . و سيأتى الكلام فى انتباذ مريم - عليه السلام - و تكون النبى عيسى روح
الله - سلام الله عليه - حينئذ من النفخ فى العين التاسعة و الأربعين .
5 - و قال الشيخ فى آخر المقالة الثامنة من حيوان الشفاء( : و من عجائب
احوال
الحيوان ان الدجاجة اذا اغلبت الديك قتالا تشبهت بالديك فى صقيعها و فى
سفادها و اشالت اذنابها كالديك و ربما نبت له مخلب) .
ثم قال( : اقول ليعلم ان الطبيعة مطيعة للهيأة النفسانية . و الديك ايضا
يتشبه بالدجاج اذا ماتت الدجاجة عن فراريخ فيعولها فيتجنب السفاد و يتركه)
[2] .
قال الفخر الرازى فى السر المكتوم( : التجربة و القياس يشهدان بأن التصورات
قد تكون مبادى ء لحدوث الكيفيات فى البدن , فان الغضب القوى قد يفيد السخونة
فى البدن , و كذا الاوهام على ما ثبت من نهى المرعوف عن النظر الى الاشياء الحمر
, و المصروع عن النظر الى الاشياء القوية اللمعان و الدوران , و ما ذلك إلا لأن
النفس خلقت مطيعة للأوهام) .
حكى عن الشيخ الرئيس ان الدجاجة اذا تشبهت بالديك فى الصياح نبتت على
ساقها شوكة . ذكر فى كتاب الحيوان([ : لماذا كان التفاوت بين الاشخاص
الانسانية فى الخلقة