محرك]( فاعلم أن قسطا بن لوقا فى رسالته فى الفصل بين الروح و النفس , بعد
نقل هذا الحد من افلاطن , شرع فى بيانه فابتدأ بكونها جوهرا بثلاثة أدلة حيث قال :
([ فلنبين أن النفس جوهر , فنقول : كل قابل للمتضادات و هو واحد بالعدد لا
يختلف ذاته فهو جوهر , فالنفس قابلة للفضائل و الرذائل و هى واحدة بالعدد -
كنفس أفلاطن - لا يختلف ذاتها فهى إذن جوهر , و الفضائل و الرذائل متضادات ,
فالنفس إذن قابلة للمتضادات و هى واحدة بالعدد لا يختلف ذاتها فهى إذن جوهر .
و أيضا إن محرك الجوهر جوهر , و النفس محركة الجسد , و الجسد جوهر , فالنفس
إذن جوهر .
و أيضا فان النفس جزؤ من الحيوان لأن كل حيوان نفس و جسد , و الحيوان جوهر ,
و جزؤ الجوهر جوهر , فالنفس إذن جوهر .
النفس ليست بعرض لأن العرض لا يحمل عرضا , و ذلك لأن العرض فى نفسه
محمول ابدا , موجود فى غيره , لا قوام له بذاته , و النفس قابلة ابدا حاملة أتم
و اكمل من حمل الاجسام للأعراض فاذن النفس ليست عرضا .
هذا الدليل نقلناه من تهذيب الاخلاق و تطهير الأعراق لابن مسكويه [1] . و لكن
امر النفس مع معارفها و علومها ارفع من التفوه بالقبول و الحمل لأنها بعلومها
تعتلى وجودا من النقص الى الكمال و من الضعف الى القوة و الشدة و تلك الانوار
القدسية العلمية تصير عينها على ما تحقق من اتحادها بعلومها وجودا فى البحث عن
اتحاد العاقل بمعقوله . و لكن لب الادعاء رصين , و الحكم بكونها جوهرا نوريا على
أن امرها مع الحقائق النورية و الصور العقلية اتم و اكمل من حمل الاجسام
للأعراض قوم محكم .
احتجاج افلاطون على أن النفس من الجواهر غير الجسمانية
الجزء السادس من العلم الطبيعى من معتبر أبى البركات هو كتاب النفس منه
يتضمن ثلاثين فصلا , ففى الفصل الثالث عشر منه بعد تعديده عدة آراء فى النفس
مما تقدم ذكرها فى العين الرابعة قال([ : فنقول : إن النفوس فى الاجسام هى من
خواص الأجسام .
[1] تهذيب الاخلاق و تطهير الأعراق لابن مسكويه , ط : بيروت , ص 30 .