معقول لكونه عقلا بسيطا فعالا لتفاصيل العلوم النفسانية . هذا الوجه كما فى الحكمة
المتعالية . و عند الجمهور بالوجهين الاخرين , أحدهما بالتحليل و الثانى
بالتركيب : أما بالتحليل فلأنها إذا حذفت عن الأشخاص الداخلة تحت النوع
مشخصاتها , و سائر العوارض اللاحقة بها , بقيت الحقيقة النوعية ماهية متحدة
و حقيقة واحدة .
و أما بالتركيب فلأنها اذا اعتبرت المعنى الجنسى و الفصلى أمكنها أن يقترن
الفصل بالجنس بحيث تحصل منهما حقيقة متحدة اتحادا طبيعيا لا صناعيا .
و أما قوتها على تكثير الواحد فهى : أن تميز ذاتها عن عرضها , و جنسها عن
فصلها , و جنس جنسها عن جنسها بالغة ما بلغ , و فصل فصلها و فصل جنسها عن
فصلها بالغة ما بلغت , و تميز لازمها عن مفارقها , و قريبها عن بعيدها ,
و الغريب منها عن الملائم , فيكون الشخص الواحد فى الحس واحدا لكنه فى العقل
أمور كثيرة , و لذلك يكون ادراك العقل أتم الادراكات . بل العقل يتغلغل فى
ماهية الشى ء و حقيقته , و يستنتج منها نتيجة مطابقة لها من كل الوجوه . و أما
الادراكات الحسية فانها مشوبة بالجهل فان الحس لا يدرك إلا ظاهر الشى ء و أما
باطنه و ماهيته فذلك مما لا يحيط الحس به . و بالجملة ان التحليل و التركيب من
خواص العقل الانسانى , و ليس ذلك لغيره من القوى فانها تدرك الكثير كثيرا
كما هو , و الواحد واحدا كما هو , و لا يمكنها ان تدرك الواحد البسيط بل الواحد
من حيث هو جملة مركبة من أمور و أعراضها , و لا يمكنها ان تفصل العرضيات و
تنزعها من الذاتيات .
و من قوتها على تكثير الواحد , تجسيمها بقوتها الخيالية للعقليات و تنزيلها
فى قوالب الصور المثالية .
مد - عين فى أن الانسان طبيعى و مثالى و عقلى و آلهى :
كما أنت انسان طبيعى كذلك أنت انسان مثالى و عقلى و آلهى , فان مانزل من
العلم الى العين ما نزل بكليته , بل ملكوته بيد من له الملك و الملكوت , فتنبه
بانك جدول من البحر الصمدى كسائر الكلمات النورية الوجودية . والانسان بحسب
نشأته الطبيعية يخبر عن نفسه بأنه فى البيت و السوق و نحوهما , و بحسب
عالمه المثالى يخبر عن نفسه بانه محشور مع مثل الارواح و الأمثال البرزخية
, و بحسب عالمه العقلى يخبر عن نفسه بانه يسير فى ديار المرسلات و يتلو الكلمات
التامات التى فوق المثالية , و بحسب أصله الالهى يخبر عن نفسه بانه فى مقعد
صدق عند مليك مقتدر . و تمسك فى هذه العين بامكانى الأشرف و الأخس , أو
بجامعهما استحالة الطفرة