يوجب رفع الامتياز لا مطلقا بل من جهة ما يضاهى به كل منهما ذلك الأمر الجامع ,
و من حيث يشتركان فيه . و لما كان طالب شى ء لا يطلبه دون مناسبة ما بينهما
فالنفس الناطقة إذا صارت مستعدة مثلا نحو قبول الصور العلمية عن الجوهر المفارق
المفيض فاضت الصور العلمية بحسب تلك المناسبة من الجوهر المفارق على النفس
, فاعلم أن حقائق الأشياء فى الحضرة العلمية بسيطة فلا ندركها على نحو تعينها
فيها إلا من حيث توحدنا و أحديتنا فان البسيط لا يدركه إلا بسيط . و كذلك يجب
التناسب بين النفس و الغيب الالهى حتى تنال بهجته الكبرى . و القوى المدركة
مع أنها من شئون النفس لكل واحدة منها غذاء من سنخها و جنسها . و العلم بسر
تلك المناسبات صعب مستصعب إلا لمن تنور قلبه بالأنوار الالهية .
ما - عين فى امكان التعقلات الكثيرة فى النفس دفعة :
ربما ظن بعض الناقصين الناظرين فى ظواهر المكنونات أن النفس لا تقوى على
استحضار ادراكات و علوم دفعة , و ليس الأمر كما ظن . فان النفس تبلغ الى
مرتبة تضبط جميع الحضرات , و تصير مظهرا للاسم الشريف( يا من لا يشغله شأن عن
شأن) و يتحد بالصادر الأول الذى هو الرق المنشور و قد انتقش عليه جميع
الكلمات النورية الوجودية من العقل الأول الى الهيولى الاولى . و قد استوفينا
البحث عن ذلك فى رسالتنا نهج الولاية و قد طبعت غير مرة .
مب - عين فى أن النفس مع بساطتها كيف تقوى على التعقلات الكثيرة :
اتصاف موجود بصفات متعددة متقابلة يدل على سعة وجوده , و شدة توحده , و سطوة
تأكده فى الوجود من حيث انه لا يزول بعروض الأضداد و اتصافه بها , كما يوصف
الحق سبحانه بالأول و الاخر , و بالظاهر و الباطن , و بالقابض و الباسط و
نظائرها
. و قال بعض المشايخ من أهل العرفان( : ان الله لا يعرف إلا بجمعه بين الأضداد
فى الحكم عليها بها) , و النفس الانسانية هى مظهره الأتم , و لو لم يكن بينه
تعالى و بين النفس من المناسبة و المضاهاة ما لم يكن بينه و بين غيرها لما شرط
معرفته بمعرفتها , بل بينهما تمام هذه المناسبة , و معنى التمام هو فوق التنزيه
و التشبيه فافهم . هذا ما حكم به ذوق العرفان , و يعاضده منطق البرهان , فتدبر .
مج - عين فى أن النفس كيف تقوى على توحيد الكثير و تكثير الواحد :
أما قوتها على توحيد الكثير فهى بصيرورتها عالما عقليا متحدا بكل حقيقة , مصداقا
لكل معنى