و شجاعة و مجموعها العدالة و هى خارجة عن الفضيلة النظرية . و من اجتمعت له
معها الحكمة النظرية فقد سعد . و من فاز مع ذلك بالخواص النبوية كاد أن يصير
ربا انسانيا و كاد أن تحل عبادته بعد الله تعالى و هو سلطان العالم الارضى
و خليفة الله فيه]( .
و فى نسخة : و كاد أن يحل عبادته بعد الله تعالى , و ان يفوض اليه امور عباد
الله , و هو سلطان الخ .
ثم ان الشيخ و من تقدمه زمانا لم يذكروا القول بأن حقيقة الانسان اجزاء اصلية
فى هذا البدن - الى آخر ما اسنده فى كشف الفوائد الى المحققين من المتكلمين -
فلم يكن فى الأوائل من هو قائل به فهو قول مستحدث من طائفة من المتكلمين
المتأخرين . و لعل المراد من الأجزاء الاصلية الباقية من اول العمر الى آخره هو
الصورة الفعلية الانسانية المتحققة من صور مدركاتها النورية العلمية و ملكاتها
الفاضلة الصالحة العملية . و أما اجزائها غير الاصلية فهى التى تتبدل و تتغير من
حين تكونها الى انتقالها من هذه النشأة بحسب أطوارها الوجودية الطبيعية فى مدى
سنى عمره . و لا ريب ان تلك الصورة اعنى الأجزاء الأصلية لا تصير مأكولة لحيوان
و لا تتصرف فيها المدة و المادة و هى باقية أبدية فهى صورة روحانية و جسمانية
معا
على حسب ما تصورت و تكونت من العلم و العمل , و سيأتى زيادة ايضاح فى ذلك فى
العيون الاتية .
و ألسنة الروايات فى بيان حقائق المعارف ناطقة على وجوه معجبة مدهشة دالة
على انهم عليهم السلام أمراء الكلام فيلقون المعانى فى كسوة الالفاظ على هيأة لا
يحرم من تلك الموائد و المادب متقشف و لا متبحر , كما ترى انموذجا من ذلك فى
تفسير العياشى عن حفص بن غياث قال شهدت المسجد الحرام و ابن ابى العوجاء
يسأل ابا عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى :
( كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها ليذوقوا العذاب) [1] , ما ذنب الغير ؟ قال( : ويحك هى هى , و هى غيرها) , فقال([ :
فمثل لى ذلك شيئا من امر الدنيا , قال :
( نعم أرأيت لو أن رجلا أخذ لبنة فكسرها ثم ردها فى ملبنها فهى هى و هى غيرها
)
[2] . و المعتكف على الظاهر يكتفى به ثم يفرط القول فى من فهم مغزاه و بلغ
قصواه و قد نهاه الكتاب و السنة عن التعنت و التهتك , و امره بالتدبر و
التثبت , فافهم .