قوله( : و كذلك من رأى أن المبادى ء هى الأعداد فانه جعل النفس عددا)
قال
فى الفصل الاول من المقالة الثالثة من آلهيات الكتاب فى ان مقولتى الكم و الكيف
هل هما من الجواهر أو الأعراض : و اما أصحاب العدد فانهم جعلوا هذه مبادى ء
الجواهر إلا انهم جعلوها مؤلفة من الوحدات حتى صارت الوحدات مبادى ء المبادى ء [1] .
قوله( : و منهم من رأى ان الشى ء انما يدرك ما هو شبيه الخ) لا يخفى عليك
أن لهذا الكلام أيضا شأنا . و هو عبارة عن المناسبة المذكورة . و المدرك مغتذ
, و
المدرك غذائه , و لابد أن يكون بين المغتذى و غذائه من شباهة و مناسبة . و نعم
ما قال( : من ان المدرك بالفعل شبيه المدرك بالفعل) .
قوله( : فانه جعل النفس مركبة من العناصر الاربعة و من الغلبة و المحبة)
جعل النفس مركبة من الاشياء التى يراها عناصر . لأن مدركات النفس مركبة منها
. و كان انباذقلس يعتقد العناصر أصولا للكون و البقاء فى العالم فيشمل الغلبة و
المحبة فالكون منوط بالعناصر الاربعة و البقاء بدفع المنافر و جذب الملائم و هما
منوطان بالغلبة و المحبة , و بعبارة أخرى المحبة بمعنى الباعثة للتركيب , و
الغلبة بمعنى الحافظة للتركيب . و الكلام فى المحبة و الغلبة مذكور فى الفصل
الخامس من الفن الثالث من طبيعات الشفاء [2] . و المحقق اللاهيجى فسر
الغلبة و المحبة بالغضب و الشهوة , و المال واحد .
قوله( : فهى عدد لانها مدركة الخ) , اى النفس مدركة و كل مدركة يجب أن
يكون مبدء المدركه و المبدأ هو العدد فيجب أن يكون النفس عددا . و النفس
متحركة
لذاتها لانها محركة أولية و قد سلف أن كل محرك متحرك .
قوله( : و اما الذين اعتبروا أمر الحيوة غير ملخص) أى هؤلاء لما و صلوا الى
معرفة النفس من مسلك الحيوة . جعلوها من سنخ الحيوة و مقوماتها و لوازمها و
معداتها و ممداتها .
قوله( : و من الناس من ظن ان النفس هو الاله الخ) هذا الكلام يستشم منه
رائحة الحقيقة ايضا . و لعل هذا القائل ذهب الى أن النفس فى ارتقائه تتصف
بصفاته سبحانه و تصير خليفة و تتصرف باذنه فى مادة الكائنات و ينال قربى
النوافل و الفرائض . و هذا الكلام هو نحو ما قاله الشيخ فى آخر الالهيات من هذا
الكتاب([ : و رؤوس هذه الفضائل عفة و حكمة