النفس مركبة من العناصر الاربعة و من الغلبة و المحبة . و قال انما تدرك
النفس كل شى ء شبهة فيها .
و أما الذين جمعوا الأمرين فكالذين قالوا ان النفس عدد متحرك لذاته فهى عدد
لانها مدركة و هى متحركة لذاتها لأنها محركة أولية .
و أما الذين اعتبروا أمر الحيوة غير ملخص فمنهم من قال( : ان النفس حرارة
غريزية لأن الحيوة بها) . و منهم من قال( : بل برودة و إن النفس مشتقة من
النفس و النفس هو الشى ء المبرد , و لهذا ما يتبرد بالاستنشاق) ليحفظ جوهر
النفس . و منهم من قال( : بل النفس هو الدم لأنه اذا سفح الدم بطلت الحيوة
)
و منهم من قال[ : بل النفس مزاج لأن المزاج مادام ثابتا لم تتغير صحة الحيوة
)) . و منهم من قال( : بل النفس تأليف و نسبة بين العناصر و ذلك لأنا نعلم
أن تأليف ما يحتاج اليه حتى يكون من العناصر حيوان , و لأن النفس تأليف
فلذلك تميل الى المؤلفات من النغم و الأراييح و الطعوم و تلتذ بها) .
و من الناس من ظن أن النفس هو الاله - تعالى عما يقوله الملحدون - , و أنه
يكون فى كل شى ء بحسبه فيكون فى شى ء طبعا و فى شى ء نفسا و فى شى ء عقلا سبحانه و
تعالى عما يشركون . فهذه هى المذاهب المنسوبة الى القدماء الأقدمين فى امر
النفس و كلها باطلة] . انتهى كلام الشيخ فى تعديد الأقوال فى النفس .
اقول : عبارة الشفاء المطبوعة على الحجر مغلوطة مشوهة جدا , و ما نقلناها هى
من نسخة مصححة منه غاية الاتقان بعرضها حين تدريسنا اياه على عدة نسخ مخطوطة غير
واحدة منها مصححة بالاجازة المرسومة عند القدماء , على انها كانت قد صححت ايضا
عند غير واحد من اساطين الفن , و بالجملة عباراته التى لا دغدغة فيها هى ما
اهدينا اليك . و نقول فى توضيح بعض جملها :
قوله( : و منهم من سلك طريق الحيوة غير مفصلة) , أى غير ملخص كما يفسره
فى ذيل العبارة بقوله( : و اما الذين اعتبروا امر الحيوة غير ملخص) .
قوله( : ان المحرك الاول يكون لا محالة متحركا بذاته) , لأنه ظن أن
المحرك يجوز أن يتحرك و ان لم يتحرك لا يجوز ان يحرك .
قوله( : فمنهم من منع أن تكون النفس جسما) , اى من الذين قالوا( : ان
النفس متحركة بذاتها و محركة بذاتها) .
قوله( : فمنهم من جعل ما كان من الأجرام التى لا تتجزى كريا) , اى فمنهم
من