أن يكون العقل هو المقصود بهذه الدائرة , لأن حركة العقل التعقل , و حركة
الدائرة
الدوران ( المقصود دائرة طيماوس فالعقل هو هذه الدائرة و ليست هى فى هذه
المحاورة آلة النفس و شرطها الضرورى فقط , بل هناك مطابقة بين فعل العقل اى
التعقل , و بين الدائرة نعنى الحركة الدائرية - ت - و المقصود من هذا التمثيل
أن فعل العقل يقتضى التعقل , كما أن طبيعة الدائرة تقتضى الحركة الدائرية -
الأهوانى ) .
فاذا كان التعقل إذن هو الحركة الدائرية , فالعقل هو الدائرة التى لها هذه
الحركة الدائرية , أعنى التعقل . و لكن ما هو الموضوع الذى يعقله اذن على
الدوام ؟ إذ يجب أن يكون له موضوع ما دامت الحركة الدائرية ابدية , أن
للافكار
العلمية حدودا ( لانها جميعا توجد من اجل شى ء آخر ) و الأفكار النظرية محدودة
على
النحو الذى تحد به دلالتها اللفظية , و لكن كل دلالة لفظية , إما أن تكون حدا , أو
برهانا , و يبدأ البرهان من مقدمة , و كأن غايته القياس , او النتيجة . و حتى
إذا لم يكن البرهان محدودا , فعلى الأقل انه لا يعود نحو المقدمة , و لكن بمعونة
الحد الأوسط و أحد الحدين الاخرين يتجه فى خط مستقيم . و التعاريف كلها محدودة
.
و ايضا ما دامت الحركة الدائرية تتم اكثر من مرة , فلابد أن يعقل العقل
موضوعه اكثر من مرة . و ايضا فان العقل يشبه أن يكون سكونا , أو وقوفا , من أن
يكون حركة . و الأمر كذلك فى القياس , و من جهة أخرى لا يبلغ السعادة القصوى
ما
لا يتحرك بسهولة , بل بالقسر . ( قوله . يتحرك زيادة فى ترجمة هكس . و فى
الترجمة اللاتينية( يكون) أو( يحصل) فاذا لم تكن حركة النفس هى
جوهرها , فان حركتها تكون مضادة لطبيعتها .
و مما يجلب الألم ايضا أن تتصل النفس بالجسم , و لا تستطيع مفارقته , بل
المفارقة أولى , إن صح أن الأفضل للعقل ألا يتصل الجسم , كما هى عادة قولهم ,
و ما وافقهم عليه الكثيرون ( افلاطون و الأفلاطونيون , انظر فيدرون 660 ب - ت )
و ايضا فان علة حركة السماء الدائرية تظل غامضة : اذ ليس جوهر النفس هو علة هذه
الحركة الدائرية , بل بالعرض تتحرك النفس هكذا . و ليس الجسم ايضا هو هذه
العلة , بل الأولى أن تكون النفس لا الجسم , و لم ينقل الينا أن هذا الضرب من
الحركة هو الأفضل , إلا أنه يجب أن تكون العلة التى من أجلها جعل الله النفس
تتحرك دائريا , هى أن يكون الأفضل لها أن تتحرك من أن تسكن و أن تتحرك على
هذا النحو , لا على نحو آخر . و لما كان الفحص عن ذلك أليق أن يكون فى موضع
آخر , فلنترك ذلك الموضوع الان . ( يشير ارسطو إما إلى كتاب