التدبير و التصرف فقط , و هو مختار اعاظم الحكماء الالهيين , و اكابر الصوفية
و الاشراقيين و عليه استقر رأى اكثر متكلمى الامامية كالشيخ المفيد و بنى نوبخت و
المحقق نصير الملة و الدين الطوسى و العلامة جمال الدين الحلى . و من الأشاعرة
الراغب الأصفهانى و ابى حامد الغزالى و الفخر الرازى . و هو المذهب المنصور
الذى اشارت اليه الكتب السماوية , و انطوت عليه الأنباء النبوية , و عضدته
الدلائل العقلية , و أيدته الأمارات الحدسية , و المكاشفات الذوقية . انتهى .
اقول : كلامه مبنى على ما ذهب اليه المشاء . و الموت ليس هو قطع تعلق
النفس عن البدن بل هو انقطاع الانسان عن غيره و ارتقاء النفس الى بارئها
المتوفى اياها . فان النفس لا تكون بلا بدن ابدا لان النفس لها ابدان متفاوتة و
التفاوت بينها بالنقص و الكمال و كما أن حقيقة الحقايق - جلت اسماؤها - لا
تكون بلا مظاهر , كذلك النفس لا تكون بلا بدن . فافهم . و قطع التعلق عن البدن
مما شاع عن المشاء و صار دائرا بين الناس و رائجا سائرا و اكابر العارفين و
ارباب الحكمة المتعالية قد استقر رأيهم على هذا الوجه الذى اشرنا اليه لا على
ما اسنده اليهم . و الاشارات كلها الى هذا الحكم الحكيم لا غير .
و قد عد صاحب البحار آراء فى الرابع عشر من البحار فى باب حقيقة النفس و
الروح و احوالهما منه ايضا [1] .
و كذا فى روض الجنان للابيوردى قد عد آراء , و ان شئت فراجع فى ذلك إلى
الدرس الثامن و العشرين و المائة من كتبانا دروس فى معرفة النفس [2] .
و الى الدرس الرابع من كتابنا اتحاد العاقل بمعقوله [3] و قد عرفنا فى صدر
هذا الدرس كتاب روض الجنان و ذكرنا فوائد انيقة فى المقام .
تبصرة : أعلم أن منطق الوحى و كلمات اكابر العلماء و اعاظم الحكماء فى
الحقيقة رموز الى كنوز يصل اليها فى كل عصر و دورة واحد بعد واحد ممن وفق و
يسر للوصول . و قد صرح بذلك غير واحد من مشايخ العلم فى صحفهم الكريمة و
كتبهم
القيمة و نتلو عليك طائفة من لطائف اشاراتهم البديعة فى ذلك معاضدة لما قلنا
: