اقول : ما افاده من بيان التأويلات سلوك الى صوب الصواب فان هؤلاء الأعاظم
و اولى الألباب لا يتفوهون بما ظاهره لا يوافق الموازين العلمية اصلا و كانت
عادتهم
أن يبنوا كلامهم على الرموز و التجوزات لحكم و مصالح راعوها كما يأتى نقل اقوال
العلماء فى ذلك .
على أن كثيرا من اصطلاحات طبية و غيرها شاعت فى العلوم الالهية و صار الاشتراك
اللفظى فى كثير منها موجبا لبعض الظنون بهم , و حاشاهم عن ذلك و عمل صدر
المتألهين عين الحق و الصدق و محض الرشاد و الصواب .
و قد عد عدة من الاراء المذكورة الشيخ البهائى فى اواخر كشكوله قال( :
المذاهب فى حقيقة النفس اعنى ما يشير اليه كل أحد بقوله : انا كثيرة ,
و الدائر منها على الألسنة و المذكورة فى الكتب المشهورة اربعة عشر مذهبا .
و بعد عد ثلاثة عشر منها , قال : الرابع عشر انها جوهر مجرد عن المادة
الجسمانية و العوارض الجسمانية , لها تعلق بالبدن تعلق التدبير و التصرف , و
الموت هو قطع هذا التعلق . و هذا هو مذهب الحكماء الالهيين و اكابر الصوفية و
الاشراقيين , و عليه استقر رأى المحققين من المتكلمين كالامام الرازى و الغزالى و
المحقق الطوسى و غيرهم من الأعلام و هو الذى اشارت اليه الكتب السماوية و
انطوت عليه الأنباء النبوية و قادت إليه الأمارات الحدسية و المكاشفات
الذوقية) [1] .
و كذلك أتى بقريب مما فى الكشكول فى كتابه الأربعين حيث قال فى أول شرح
الحديث الأربعين ما هذا لفظه([ : و قد تحير العقلاء فى حقيقتها , و اعترف كثير
منهم بالعجز عن معرفتها حتى قال بعض الأعلام : ان
قول امير المؤمنين عليه السلام( : من عرف نفسه فقد عرف ربه)
معناه أنه كما لا يمكن التوصل الى معرفة النفس لا يمكن التوصل الى معرفة الرب
, و قوله عز و علا :
( و يسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربى و ما اوتيتم من العلم إلا قليلا)
[2] مما يعضد ذلك .
و الاقوال فى حقيقتها متكثرة , و المشهور اربعة عشر قولا ذكرناها فى المجلد
الرابع من المجموع الموسوم بالكشكول . و الذى عليه المحققون أنها غير داخلة فى
البدن بالجزئية و الحلول , بل هى برية عن صفات الجسمية , منزهة عن العوارض
المادية , متعلقة به تعلق