مضافاً
إلى أنّ التعبير عنهم بالطاغوت و الفسّاق يدلّ على مبغوضيّة عملهم، بل أشدّ المبغوضيّة
كما لا يخفى.
و
يرد على الاستدلال بالروايتين و مثلهما: أنّه لو سلمت الدلالة الالتزاميّة
المذكورة، فلا دلالة لهما على الحرمة في غير موردهما، مع أنّ المدّعى أعمّ و أوسع
منه، فهل لهما دلالة على أنّ القاضي الشيعيّ الذي لا يكون منصوباً لا من قبل سلطان
الجور و لا من ناحية الأئمة (عليهم السّلام)؛ لعدم ثبوت العدالة فيه و هو يعتقد
أيضاً ذلك، إذا فصّل الخصومة و رفع التنازع يكون عمله هذا مضافاً إلى عدم الصحّة و
عدم النفوذ محكوماً بالحرمة التكليفية كحرمة شرب الخمر مثلًا، أو لا يستفاد منهما
ذلك؟ الظاهر هو العدم، و الإصرار الأكيد على عدم التحاكم إلى الطاغوت لا دلالة له
على الحرمة المطلقة في المقام، كما أنّها المدّعى فتدبّر.
الأمر
الثالث: في أنّ وجوب القضاء بأيّ معنى فسّرناه ليس على تقديره إلّا وجوباً
كفائيّاً لا عينيّاً، ضرورة عدم لزومه على كلّ أحد، خصوصاً مع ملاحظة الشرائط
المعتبرة فيه الآتية إن شاء اللَّه تعالى، فالوجوب كفائيّ قد يتعيّن إذا لم يكن في
البلد، و كذا فيما يقرب إليه ممّا لا يتعسّر الرجوع إليه من يكون به الكفاية، كما
هو الشأن في سائر الواجبات الكفائيّة، إذا لم يكن من يقوم بها. و أمّا التعيّن مع
وجود من به الكفاية بسبب اختيار المترافعين أو الناس فلم يقم عليه دليل، كما لا
يخفى.