و
إلى أنّ هنا بعض الروايات الصحيحة التي أعرض عنها المشهور، مثل:
ما
ورد في صحيحة محمد بن مسلم الطويلة الواردة في كيفيّة حلف الأخرس الدالّة على أنّ
أمير المؤمنين (عليه السّلام): كتب له اليمين و غسلها و أمره بشربه فامتنع فألزمه
الدين [1].
و
لا مجال للاستدلال بها لأجل تفريع الإلزام بالدين على الامتناع من شرب الماء
المغسول به اليمين، بعد عدم العمل من المشهور بهذه الكيفيّة في حلف الأخرس إلّا أن
يقال: إنّ إعراض المشهور عن هذه الجهة من الرّواية لا يلزم الإعراض عن الجهة
الأُخرى المرتبطة بالمقام، كما هو ظاهر المحقّق العراقي (قدّس سرّه) [2]. و كيف كان فلا بدّ من ملاحظة سائر
الروايات فنقول:
منها:
صحيحة هشام المتقدّمة عن أبي عبد اللَّه (عليه السّلام) قال: «تردّ اليمين على
المدّعى». و هي و إن لم تدلّ على أنّ رادّ اليمين هو المنكر فقط؛ لأنّ كلمة «تردّ»
إنّما هي بصيغة البناء على المفعول، و مع تاء التأنيث المجازي، إلّا أنّ الظاهر
أنّ الرواية إنّما هي بصدد بيان أنّ وظيفة المدّعى لا تكون إقامة البيّنة دائماً،
بل قد تردّ اليمين التي هي وظيفة المنكر على المدّعى، فلا مجال للتمسّك بالإطلاق
كما لا يخفى.
و
منها: صحيحة عبيد بن زرارة المتقدّمة أيضاً عن أبي عبد اللَّه (عليه السّلام) في
الرجل يدّعى عليه الحقّ و لا بيّنة للمدّعي، قال: يستحلف أو يردّ اليمين على صاحب
[1] تهذيب الأحكام: 6/ 319 ح 879، الفقيه: 3/ 65
ح 218، و عنهما وسائل الشيعة: 27/ 302، كتاب القضاء، أبواب كيفيّة الحكم ب 33 ح 1.