و
الوجدان شاهد على أنّ الاحتلام في السنّ المخصوص إنّما هو بحسب الغالب، و إلّا فلا
ينبغي الإشكال في إمكان تحقّقه قبل ذلك، و سيأتي مزيد التحقيق في الأمر الثالث،
لكنّه ينبغي في ختام هذا الأمر الثاني من التنبيه على شيئين:
الأوّل:
أنّه في صورة العلم بأنّ الخارج هو المنيّ الذي من شأنه إمكان التولّد منه، فلا
إشكال في لزوم الاتّكال على العلم، و لا اعتبار بملاحظة أوصاف المني المشهورة، و
أمّا في صورة عدم العلم و حصول الاشتباه خصوصا مع الوذي و المذي، فلا إشكال في
لزوم الرجوع إلى تلك الأوصاف؛ لإناطة الحكم بالجنابة و لزوم الغسل بها في صورة عدم
العلم، و من المعلوم أنّه لا فرق بين المقامين من هذه الجهة؛ لأنّ سبب الجنابة
منحصر في الوطء و إنزال المني اتّفاقا، فإذا انتفى الأوّل تعيّن الثاني، لكن في
الجواهر: و يحتمل العدم؛ لأنّ اعتبارها فيهما لا يستلزم اعتبارها في البلوغ؛ لجواز
تقدّم الأسباب عليه، ثمّ قال: لكنّه مبنيّ على إمكان خروج المني قبل البلوغ، و فيه
بحث بل منع؛ لأنّ الظاهر عدم تكوّنه إلّا حال وصول الطفل إلى حدّ البلوغ، كما يؤمى
إليه إطلاق ما دلّ على أنّ خروجه علامة البلوغ من النصوص السابقة و غيرها [1].
الثاني:
الظاهر أنّه لا فرق في كون هذا الأمر الثاني كالأمر الأوّل علامة بين الذكر و
الانثى، لكن الأمر في الذكر كما عرفت من أنّ الاحتلام في الزمان الذي يمكن البلوغ
فيه- و هو ما بعد العشر سنين إلى خمسة عشر- علامة على البلوغ. و أمّا المرأة
فالكلام فيها يقع في مقامين:
المقام
الأوّل: في إمكان تحقّق الاحتلام من المرأة مطلقا.