responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 95

فالسفينة في ملتطم الأمواج،عند اضطراب الرياح في لجة البحر،أحسن حالا،و أرجى سلامة،من النفس المضطربة غيظا.إذ في السفينة من يحتال لتسكينها و تدبيرها،و ينظر لها و يسوسها،و أما القلب،فهو صاحب السفينة،و قد سقطت حيلته،إذ أعماه الغضب و أصمه

و من آثار هذا الغضب في الظاهر،تغير اللون

،و شدة الرعدة في الأطراف،و خروج الأفعال عن الترتيب و النظام،و اضطراب الحركة و الكلام.حتى يظهر الزبد على الأشداق و تحمر الأحداق،و تنقلب المناخر،و تستحيل الخلقة.و لو رأى الغضبان في حالة غضبه قبح صورته،لسكن غضبه حياء من قبح صورته،و استحالة خلقته.و قبح باطنه أعظم من قبح ظاهره،فإن الظاهر عنوان الباطن.و إنّما قبحت صورة الباطن أولا،ثم انتشر قبحها إلى الظاهر ثانيا،فتغير الظاهر ثمرة تغير الباطن،فقس الثمرة بالمثمرة.فهذا أثره في الجسد

و أما أثره في اللسان،فانطلاقه بالشتم و الفحش

من الكلام،الذي يستحيي منه ذو العقل،و يستحى منه قائله عند فتور الغضب.و ذلك مع تخبط النظم،و اضطراب اللفظ

و أما أثره على الأعضاء

،فالضرب،و التهجم،و التمزيق،و القتل،و الجرح عند التمكن من غير مبالاة.فإن هرب منه المغضوب عليه،أو فاته بسبب،و عجز عن التشفي،رجع الغضب على صاحبه،فمزق ثوب نفسه،و يلطم نفسه،و قد يضرب بيده على الأرض، و يعدو عدو الواله السكران،و المدى ش المتحير،و ربما يسقط سريعا،لا يطيق العدو و النهوض بسبب شدة الغضب،و يعتريه مثل الغشية،و ربما يضرب الجمادات و الحيوانات فيضرب القصعة مثلا على الأرض،و قد يكسر المائدة إذا غضب عليها،و يتعاطى أفعال المجانين،فيشتم البهيمة و الجمادات و يخاطبها،و يقول إلى متى منك هذا يا كيت و كيت؟كأنه يخاطب عاقلا،حتى ربما رفسته دابة فيرفس الدابة،و يقابلها بذلك

و أما أثره في القلب

مع المغضوب عليه،فالحقد،و الحسد،و إضمار السوء،و الشماتة بالمساءات،و الحزن بالسرور،و العزم على إفشاء السر،و هتك الستر،و الاستهزاء،و غير ذلك من القبائح.فهذه ثمرة الغضب المفرط .و أما ثمرة الحمية الضعيفة،فقلة الأنفة مما يؤنف منه،من التعرض للحرم،و الزوجة،و الأمة،و احتمال الذل من الأخساء ،و صغر النفس،و القماءة،و هو أيضا مذموم.إذ من ثمراته عدم الغيرة على الحرم،و هو خنوثة

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 95
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست