responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 94

من آثار قوة الحمية،و هو الغضب .و أما الإفراط.فهو أن تغلب هذه الصفة،حتى تخرج عن سياسة العقل و الدين و طاعته،و لا يبقى للمرء معها بصيرة و نظر و فكرة، و لا اختيار،بل يصير في صورة المضطر.و سبب غلبته أمور غريزية ،و أمور اعتيادية.فرب إنسان هو بالفطرة مستعد لسرعة الغضب،حتى كأن صورته في الفطرة صورة غضبان.

و يعين على ذلك حرارة مزاج القلب،لأن الغضب من النار،كما قال صلى اللّه عليه و سلم، [1]«و إنّما برودة المزاج تطفئه و تكسر سورته»

و أما الأسباب الاعتيادية

،فهو أن يخالط قوما يتبجحون بتشفى الغيظ،و طاعة الغضب و يسمون ذلك شجاعة و رجولية،فيقول الواحد منهم أنا الذي لا أصبر على المكر و المحال و لا أحتمل من أحد أمرا،و معناه لا عقل فيّ و لا حلم.ثم يذكره في معرض الفخر بجهله فمن سمعه رسخ في نفسه حسن الغضب،و حب التشبه بالقوم،فيقوى به الغضب.و مهما اشتدت نار الغضب،و قوى اضطرامها،أعمت صاحبها،و أصمته عن كل موعظة،فإذا وعظ لم يسمع،بل زاده ذلك غضبا.و إذا استضاء بنور عقله،و راجع نفسه،لم يقدر.إذ ينطفئ نور العقل،و ينمحى في الحال بدخان الغضب.فإن معدن الفكر الدماغ.و يتصاعد عند شدة الغضب من غليان دم القلب دخان مظلم إلى الدماغ،يستولى على معادن الفكر.

و ربما يتعدى إلى معادن الحس،فتظلم عينه،حتى لا يرى بعينه،و تسود عليه الدنيا بأسرها و يكون دماغه على مثال كهف اضطرمت فيه نار،فاسود جوفه،و حمى مستقره،و امتلأ بالدخان جوانبه،و كان فيه سراج ضعيف فانمحى،أو انطفأ نوره،فلا تثبت فيه قدم، و لا يسمع فيه كلام،و لا ترى فيه صورة،و لا يقدر على إطفائه لا من داخل و لا من خارج،بل ينبغي أن يصبر إلى أن يحترق جميع ما يقبل الاحتراق .فكذلك يفعل الغضب بالقلب و الدماغ.و ربما تقوى نار الغضب ،فتفنى الرطوبة التي بها حياة القلب،فيموت صاحبه غيظا،كما تقوى النار في الكهف فينشق،و تنهد أعاليه على أسفله و ذلك لإبطال النار ما في جوانبه من القوة الممسكة،الجامعة لأجزائه.فهكذا حال القلب عند الغضب.و بالحقيقة

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 94
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست