responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 9

و قال بعضهم،إياك و الخصومة،فإنها تمحق الدين و يقال ما خاصم ورع قط في الدين و قال ابن قتيبة،مرّ بي بشر بن عبد اللّه بن أبي بكرة،فقال ما يجلسك هاهنا؟قلت خصومة بينى و بين ابن عم لي فقال إن لأبيك عندي يدا،و أنى أريد أن أجزيك بها.و إنى و اللّه ما رأيت شيئا أذهب للدين،و لا أنقص للمروءة،و لا أضيع للذة،و لا أشغل للقلب من الخصومة.قال فقمت لأنصرف.فقال لي خصمى،مالك؟قلت لا أخاصمك.قال إنك عرفت أن الحق لي.قلت لا،و لكن أكرم نفسي عن هذا.قال فإنى لا أطلب منك شيئا هو لك فإن قلت:فإذا كان للإنسان حق فلا بد له من الخصومة في طلبه،أو في حفظه،مهما ظلمه ظالم ،فكيف يكون حكمه؟و كيف تذم خصومته

فاعلم أن هذا الذم يتناول الذي يخاصم بالباطل،و الذي يخاصم بغير علم

،مثل وكيل القاضي،فإنه قبل أن يتعرف أن الحق في أي جانب،هو يتوكل في الخصومة من أي جانب كان،فيخاصم بغير علم.و يتناول الذي يطلب حقه،و لكنه لا يقتصر على قدر الحاجة،بل يظهر اللدد في الخصومة،على قصد التسلط،أو على قصد الإيذاء و يتناول الذي يمزج بالخصومة كلمات مؤذية،ليس يحتاج إليها في نصرة الحجة،و إظهار الحق.و يتناول الذي يحمله على الخصومة محض العناد،لقهر الخصم و كسره،مع أنه قد يستحقر ذلك القدر من المال .و في الناس من يصرح به و يقول،إنما قصدى عنادة و كسر عرضه،و إنى إن أخذت منه هذا المال ربما رميت به في بئر و لا أبالي.و هذا مقصوده اللدد و الخصومة و اللجاج،و هو مذموم جدا.

فأما المظلوم الذي ينصر حجته بطريق الشرع

،من غير لدد و إسراف و زيادة لجاج، على قدر الحاجة،و من غير قصد عناد و إيذاء،ففعله ليس بحرام،و لكن الأولى تركه ما وجد إليه سبيلا.فإن ضبط اللسان في الخصومة على حد الاعتدال متعذر،و الخصومة توغر الصدر و تهيج الغضب.و إذا هاج الغضب نسى المتنازع فيه،و بقي الحقد بين المتخاصمين،حتى يفرح كل واحد بمساءة صاحبه،و يحزن بمسرته،و يطلق اللسان في عرضه.فمن بدأ بالخصومة فقد تعرض لهذه المحذورات.و أقل ما فيه تشويش خاطره،حتى أنه في صلاته يشتغل بمحاجة فصمه ،فلا يبقى الأمر على حد الواجب.

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 9
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست