responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 175

بعد الحياة أمواتا،و بعد نضارة العيش رفاتا ،فجع بهم الأحباب،و سكنوا تحت التراب و ظعنوا فليس لهم إياب،هيهات هيهات كَلاّٰ إِنَّهٰا كَلِمَةٌ هُوَ قٰائِلُهٰا وَ مِنْ وَرٰائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ [1]فكأن قد صرتم إلى ما صاروا إليه،من البلى و الوحدة في دار المثوى و ارتهنتم في ذلك المضجع،و ضمكم ذلك المستودع،فكيف بكم لو عاينتم الأمور،و بعثرت القبور،و حصل ما في الصدور،و أوقفتم للتحصيل،بين يدي الملك الجليل.فطارت القلوب لإشفاقها من سالف الذنوب،و هتكت عنكم الحجب و الأستار،و ظهرت منكم العيوب و الأسرار،هنا لك تجزى كل نفس بما كسبت.إن اللّه عز و جل يقول لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسٰاؤُا بِمٰا عَمِلُوا وَ يَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى [2]و قال تعالى وَ وُضِعَ الْكِتٰابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمّٰا فِيهِ [3]الآية جعلنا اللّه و إياكم عاملين بكتابه،متبعين لأوليائه حتى يحلنا و إياكم دار المقامة من فضله،إنه حميد مجيد.و قال بعض الحكماء،الأيام سهام و الناس أغراض،و الدهر يرميك كل يوم بسهامه،و يخترمك بلياليه و أيامه ،حتى يستغرق جميع أجزائك .فكيف بقاء سلامتك،مع وقوع الأيام بك،و سرعة الليالي في بدنك لو كشف لك عما أحدثت الأيام فيك من النقص،لاستوحشت من كل يوم يأتي عليك و استثقلت ممر الساعات بك و لكن تدبير اللّه فوق تدبير الاعتبار،و بالسلو عن غوائل الدنيا وجد طعم لذاتها،و إنها لأمرّ من العلقم إذا عجنها الحكيم.و قد أعيت الواصف لعيوبها بظاهر أفعالها،و ما تأتي به من العجائب،أكثر مما يحيط به الواعظ،اللهم أرشدنا إلى الصواب

و قال بعض الحكماء

،و قد استوصف الدنيا و قدر بقائها فقال،الدنيا وقتك الذي يرجع إليك فيه طرفك،لأن ما مضى عنك فقد فاتك إدراكه،و ما لم يأت فلا علم لك به.و الدهر يوم مقبل تنعاه ليلته،و تطويه ساعاته،و أحداثه تتوالى على الإنسان بالتغيير و النقصان و الدهر موكل بتشتيت الجماعات،و انخرام الشمل،و تنقل الدول.و الأمل طويل، و العمر قصير،و إلى اللّه تصير الأمور:

و خطب عمر بن عبد العزيز رحمة اللّه عليه

فقال يا أيها الناس،إنكم خلقتم لأمر إن كنتم تصدقون به فإنكم حمقى،و إن كنتم تكذبون به فإنكم هلكى.إنما خلقتم للأبد،و لكنكم من دار إلى دار تنقلون عباد اللّه،إنكم


[1] المؤمنون:100

[2] النجم:31

[3] الكهف:49

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 175
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست