responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 174

فرعون حين يراها أن قدرته تعجز عما أوتيتما،لفعلت.و لكني أرغب بكما عن ذلك، فأزوي ذلك عنكما،و كذلك أفعل بأوليائى،إنى لأذودهم عن نعيمها،كما يذود الراعي الشفيق غنمه عن مراتع الهلكة،و إنى لأجنبهم ملاذها،كما يجنب الراعي الشفيق إبله عن منازل الغرة.و ما ذاك لهوانهم علىّ،و لكن ليستكملوا نصيبهم من كرامتي سالما موفرا .إنما يتزين لي أوليائى بالذل،و الخوف،و الخضوع،و التقوى تنبت في قلوبهم، و تظهر على أجسادهم،فهي ثيابهم التي يلبسون،و دثارهم الذي يظهرون،و ضميرهم الذي يستشعرون،و نجاتهم التي بها يفوزون،و رجاؤهم الذي إياه يأملون،و مجدهم الذي به يفخرون و سيماهم التي بها يعرفون.فإذا لقيتهم فاخفض لهم جناحك،و ذلل لهم قلبك و لسانك.

و اعلم أنه من أخاف لي وليا فقد بارزني بالمحاربة،ثم أنا الثائر له يوم القيامة .

و خطب على كرم اللّه وجهه يوما خطبة

،فقال فيها،اعلموا أنكم ميتون،و مبعوثون من بعد الموت،و موقوفون على أعمالكم،و مجزيون بها.فلا تغرنكم الحياة الدنيا،فإنها بالبلاء محفوفة،و بالفناء معروفة،و بالغدر موصوفة.و كل ما فيها إلى زوال،و هي بين أهلها دول و سجال .لا تدوم أحوالها،و لا يسلم من شرها نزالها.بينا أهلها منها في رخاء و سرور إذا هم منها في بلاء و غرور.أحوال مختلفة،و تارات منصرفة،العيش فيها مذموم،و الرخاء فيها لا يدوم،و إنما أهلها فيها أغراض مستهدفة،ترميهم بسهامها،و تقصيهم بحمامها،و كل حتفه فيها مقدور،و حظه فيها موفور.و اعلموا عباد اللّه أنكم و ما أنتم فيه من هذه الدنيا على سبيل من قد مضى ممن كان أطول منكم أعمارا،و أشد منكم بطشا،و أعمر ديارا،و أبعد آثارا.فأصبحت أصواتهم هامدة خامدة من بعد طول تقلبها،و أجسادهم بالية،و ديارهم على عروشها خاوية،و آثارهم عافية،و استبدلوا بالقصور المشيدة و السرر و النمارق الممهدة، الصخور و الأحجار المسندة،في القبور اللاطئة الملحدة،فمحلها مقترب،و ساكنها مغترب بين أهل عمارة موحشين،و أهل محلة متشاغلين،لا يستأنسون بالعمران،و لا يتواصلون تواصل الجيران و الإخوان،على ما بينهم من قرب المكان و الجوار،و دنو الدار.و كيف يكون بينهم تواصل،و قد طحنهم بكلكله البلى ،و أكلتهم الجنادل و الثرى،و أصبحوا

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 174
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست