responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 176

في دار لكم فيها من طعامكم غصص،و من شرابكم شرق،لا تصفو لكم نعمة تسرون بها إلاّ بفراق أخرى تكرهون فراقها فاعملوا لما أنتم صائرون إليه،و خالدون فيه.ثم غلبه البكاء و نزل

و قال على كرم اللّه وجهه في خطبته

،أوصيكم بتقوى اللّه،و الترك للدنيا التاركة لكم و إن كنتم لا تحبون تركها،المبلية أجسامكم،و أنتم تريدون تجديدها.فإنما مثلكم و مثلها كمثل قوم في سفر،سلكوا طريقا و كأنهم قد قطعوه،و أفضوا إلى علم فكأنهم بلغوه.و كم عسى أن يجرى المجرى حتى ينتهى إلى الغاية،و كم عسى أن يبقى من له يوم في الدنيا و طالب حثيث يطلبه حتى يفارقها.فلا تجزعوا لبؤسها و ضرائها فإنه إلى انقطاع،و لا تفرحوا بمتاعها و نعمائها فإنه إلى زوال.عجبت لطالب الدنيا و الموت يطلبه،و غافل و ليس بمغفول عنه

و قال محمد بن الحسين

،لما علم أهل الفضل و العلم و المعرفة و الأدب أن اللّه عز و جل قد أهان الدنيا،و أنه لم يرضها لأوليائه،و أنها عنده حقيرة قليلة،و أن رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم زهد فيها،و حذر أصحابه من فتنتها ،أكلوا منها قصدا،و قدموا فضلا و أخذوا منها ما يكفي، و تركوا ما يلهى.لبسوا من الثياب ما ستر العورة،و أكلوا من الطعام أدناه مما سد الجوعة، و نظروا إلى الدنيا بعين أنها فانية،و إلى الآخرة أنها باقية،فتزودوا من الدنيا كزاد الراكب، فخربوا الدنيا،و عمروا بها الآخرة.و نظروا إلى الآخرة بقلوبهم،فعلموا أنهم سينظرون إليها بأعينهم،فارتحلوا إليها بقلوبهم،لما علموا أنهم سيرتحلون إليها بأبدانهم.تعبوا قليلا،و تنعموا طويلا.كل ذلك بتوفيق مولاهم الكريم،أحبوا ما أحب لهم و كرهوا ما كره لهم

بيان
صفة الدنيا بالأمثلة

اعلم أن الدنيا سريعة الفناء ،قريبة الانقضاء،تعد بالبقاء ،ثم تخلف في الوفاء.تنظر إليها فتراها ساكنة مستقرة،و هي سائرة سيرا عنيفا،و مرتحلة ارتحالا سريعا.و لكن الناظر إليها قد لا يحس بحركتها،فيطمئن إليها.و إنما يحس عند انقضاها

و مثالها الظل

،فإنه متحرك ساكن متحرك في الحقيقة،ساكن في الظاهر،لا تدرك حركته بالبصر الظاهر،بل بالبصيرة الباطنة.و لما ذكرت الدنيا عند الحسن البصري رحمه اللّه،أنشد و قال:

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 176
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست