responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 151

من ظاهرك بأفعالك الاختيارية،فأنت حسود عاص بحسدك.و إن كففت ظاهرك بالكلية إلا أنك بباطنك تحب زوال النعمة،و ليس في نفسك كراهة لهذه الحالة،فأنت أيضا حسود عاص.لأن الحسد صفة القلب لا صفة الفعل.قال اللّه تعالى وَ لاٰ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حٰاجَةً مِمّٰا أُوتُوا [1]و قال عز و جل وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمٰا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوٰاءً [2]و قال إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ [3].أما الفعل،فهو غيبة و كذب،و هو عمل صادر عن الحسد،و ليس هو عين الحسد.بل محل الحسد القلب دون الجوارح .نعم هذا الحسد ليس مظلمة يجب الاستحلال منها ،بل هو معصية بينك و بين اللّه تعالى،و إنما يجب الاستحلال من الأسباب الظاهرة على الجوارح.

فأما إذا كففت ظاهرك،و ألزمت مع ذلك قلبك كراهة ما يترشح منه بالطبع،من حب زوال النعمة،حتى كأنك تمقت نفسك على ما في طبعها،فتكون تلك الكراهة من جهة العقل، في مقابلة الميل من جهة الطبع،فقد أديت الواجب عليك،و لا يدخل تحت اختيارك في أغلب الأحوال أكثر من هذا فأما تغيير الطبع،ليستوي عنده المؤذي و المحسن،و يكون فرحه أو غمه بما تيسر لهما من نعمة،أو تنصب عليهما من بلية سواء،فهذا مما لا يطاوع الطبع عليه،ما دام ملتفتا إلى حظوظ الدنيا،إلا أن يصير مستغرقا بحب اللّه تعالى،مثل السكران الواله.فقد ينتهى أمره إلى أن لا يلتفت قلبه إلى تفاصيل أحوال العباد،بل ينظر إلى الكل بعين واحدة، و هي عين الرحمة.و يرى الكل عباد اللّه،و أفعالهم أفعالا للّٰه،و يراهم مسخرين .و ذلك إن كان ،فهو كالبرق الخاطف لا يدوم،ثم يرجع القلب بعد ذلك إلى طبعه،و يعود العدو إلى منازعته،أعنى الشيطان،فإنه ينازع بالوسوسة.فمهما قابل ذلك بكراهته،و ألزم قلبه هذه الحالة،فقد أدى ما كلفه.

و قد ذهب ذاهبون إلى أنه لا يأثم إذا لم يظهر الحسد على جوارحه،لما روى عن الحسن،أنه سئل عن الحسد فقال،غمه فإنه لا يضرك ما لم تبده.و روى عنه موقوفا


[1] الحشر:9

[2] النساء:8

[3] آل عمران:120

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 151
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست