responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 146

بدوام إقبالها فيها.و مهما لم تزل النعمة بالحسد،لم يكن على المحسود ضرر في الدنيا و لا يكون عليه إثم في الآخرة.و لعلك تقول ليت النعمة كانت تزول عن المحسود بحسدي.

و هذا غاية الجهل،فإنه بلاء تشتهيه أولا لنفسك،فإنك أيضا لا تخلو عن عدو بحسدك، فلو كانت النعمة تزول بالحسد،لم يبق للّٰه تعالى عليك نعمة،و لا على أحد من الخلق،و لا نعمة الإيمان أيضا،لأن الكفار يحسدون المؤمنين على الإيمان.قال اللّه تعالى وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتٰابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمٰانِكُمْ كُفّٰاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ [1]إذ ما يريده الحسود لا يكون.نعم هو يضل بإرادته الضلال لغيره،فإن إرادة الكفر كفر فمن اشتهى أن تزول النعمة عن المحسود بالحسد،فكأنما يريد أن يسلب نعمة الإيمان بحسد الكفار،و كذا سائر النعم.

و إن اشتهيت أن تزول النعمة عن الخلق بحسدك و لا تزول عنك بحسد غيرك، فهذا غاية الجهل و الغباوة.فإن كل واحد من حمقى الحساد أيضا،يشتهي أن يخص بهذه الخاصية،و لست بأولى من غيرك،فنعمة اللّه تعالى عليك في أن لم تزل النعمة بالحسد، مما يجب عليك شكرها،و أنت بجهلك تكرهها

و أما أن المحسود ينتفع به في الدين و الدنيا

،فواضح.أما منفعته في الدين،فهو أنه مظلوم من جهتك،لا سيما إذا أخرجك الحسد إلى القول و الفعل،بالغيبة،و القدح فيه،و هتك ستره،و ذكر مساويه ،فهذه هدايا تهديها إليه.أعنى أنك بذلك تهدى إليه حسناتك،حتى تلقاه يوم القيامة مفلسا،محروما عن النعمة،كما حرمت في الدنيا عن النعمة.فكأنك أردت زوال النعمة عنه فلم تزل.نعم كان للّٰه عليه نعمة،إذ وفقك للحسنات فنقلتها إليه، فأضفت إليه نعمة إلى نعمة،و أضفت إلى نقسك شقاوة إلى شقاوة.

و أما منفعته في الدنيا

،فهو أن أهم أغراض الخلق مساءة الأعداء،و غمهم،و شقاوتهم، و كونهم معذبين،مغمومين،و لا عذاب أشد مما أنت فيه من ألم الحسد.و غاية أمانى أعدائك ،أن يكونوا في نعمة،و أن تكون في غم و حسرة بسببهم.و قد فعلت بنفسك


[1] البقرة:109

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 146
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست