responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 145

و أنه لا ضرر فيه على المحسود في الدنيا و الدين بل ينتفع به فيهما.و مهما عرفت هذا عن بصيرة، و لم تكن عدو نفسك و صديق عدوك،فارقت الحسد لا محالة.

أما كونه ضررا عليك في الدين.

فهو أنك بالحسد سخطت قضاء اللّه تعالى،و كرهت نعمته التي قسمها بين عباده،و عدله الذي أقامه في ملكه يخفى حكمته،فاستنكرت ذلك و استبشعته.و هذه جناية على حدقة التوحيد،و قذى في عين الإيمان،و ناهيك بهما جناية على الدين.و قد انضاف إلى ذلك أنك غششت رجلا من المؤمنين،و تركت نصيحته ، و فارقت أولياء اللّه و أنبياءه في حبهم الخير لعباده تعالى،و شاركت إبليس و سائر الكفار في محبتهم للمؤمنين البلايا و زوال النعم.و هذه خبائث في القلب،تأكل حسنات القلب كما تأكل النار الحطب،و تمحوها كما يمحو الليل النهار

و أما كونه ضررا عليك في الدنيا

،فهو أنك تتألم بحسدك في الدنيا،أو تتعذب به و لا تزال في كمد و غم،إذ أعداؤك لا يخليهم اللّه تعالى عن نعم يفيضها عليهم،فلا تزال تتعذب بكل نعمة تراها،و تتألم بكل بلية تنصرف عنهم،فتبقى مغموما،محروما،متشعب القلب،ضيق الصدر،قد نزل بك ما يشتهيه الأعداء لك،و تشتهيه لأعدائك،فقد كنت تريد المحنة لعدوك فتنجزت في الحال محنتك و غمك نقدا،و مع هذا فلا تزول النعمة عن المحسود بحسدك.

و لو لم تكن تؤمن بالبعث و الحساب،لكان مقتضى الفطنة.إن كنت عاقلا،أن تحذر من الحسد لما فيه من ألم القلب و مساءته،مع عدم النفع.فكيف و أنت عالم بما في الحسد من العذاب الشديد في الآخرة!فما أعجب من العاقل كيف يتعرض لسخط اللّه تعالى من غير نفع يناله، بل مع ضرر يحتمله،و ألم يقاسيه،فيهلك دينه و دنياه من غير جدوى و لا فائدة

و أما أنه لا ضرر على المحسود في دينه و دنياه فواضح.

لأن النعمة لا تزول عنه بحسدك بل ما قدره اللّه تعالى من إقبال و نعمة،فلا بد أن يدوم إلى أجل معلوم،قدره اللّه سبحانه، فلا حيلة في دفعه .بل كل شيء عنده بمقدار،و لكل أجل كتاب.و لذلك شكا نبيّ من الأنبياء،من امرأة ظالمة مستولية على الخلق،فأوحى اللّه إليه فر من قدامها،حتى تنقضي أيامها.أي ما قدرناه في الأزل لا سبيل إلى تغييره ،فاصبر حتى تنقضي المدة التي سبق القضاء

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 145
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست