responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 144

من الحسد في الدنيا و الآخرة جميعا.بل الحسد من صفات المبعدين عن سعة عليين،إلى مضيق سجين.و لذلك وسم به الشيطان اللعين،و ذكر من صفاته أنه حسد آدم عليه السلام على ما خص به من الاجتباء،و لما دعي إلى السجود استكبر و أبي،و تمرد و عصى فقد عرفت أنه لا حسد إلا للتوارد على مقصود يضيق عن الوفاء بالكل،و لهذا لا ترى الناس يتحاسدون على النظر إلى زينة السماء،و يتحاسدون على رؤية البساتين،التي هي جزء يسير من جملة الأرض،و كل الأرض لا وزن لها بالإضافة إلى السماء ،و لكن السماء لسعة الأقطار وافية بجميع الأبصار،فلم يكن فيها تزاحم و لا تحاسد أصلا فعليك إن كنت بصيرا،و على نفسك مشفقا،أن تطلب نعمة لا زحمة فيها،و لذة لا كدر لها،و لا يوجد ذلك في الدنيا إلا في معرفة اللّه عز و جل،و معرفة صفاته و أفعاله،و عجائب ملكوت السموات و الأرض.و لا ينال ذلك في الآخرة إلا بهذه المعرفة أيضا.فإن كنت لا تشتاق إلى معرفة اللّه تعالى،و لم تجد لذتها،و فتر عنك رأيك،و ضعفت فيها رغبتك فأنت في ذلك معذور ،إذ العنين لا يشتاق إلى لذة الوقاع،و الصبي لا يشتاق إلى لذة الملك فإن هذه لذات يختص بإدراكها الرجال دون الصبيان و المخنثين.فكذلك لذة المعرفة، يختص بإدراكها الرجال رِجٰالٌ لاٰ تُلْهِيهِمْ تِجٰارَةٌ وَ لاٰ بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللّٰهِ [1]و لا يشتاق إلى هذه اللذة غيرهم،لأن الشوق بعد الذوق،و من لم يذق لم يعرف و من لم يعرف لم يشتق،و من لم يشتق لم يطلب،و من لم يطلب لم يدرك،و من لم يدرك بقي مع المحرومين في أسفل السافلين وَ مَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمٰنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطٰاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [2]

بيان
الدواء الذي ينفى مرض الحسد عن القلب

اعلم أن الحسد من الأمراض العظيمة للقلوب

،و لا تداوى أمراض القلوب إلا بالعلم و العمل.و العلم النافع لمرض الحسد،هو أن تعرف تحقيقا أن الحسد ضرر عليك في الدنيا و الدين،


[1] النور:47

[2] الزخرف:36

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 144
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست