responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 143

لا ضيق فيه و غرضهم المنزلة عند اللّه تعالى و لا ضيق أيضا فيما عند اللّه تعالى،لأن أجمل ما عند اللّه سبحانه من النعيم لذة لقائه،و ليس فيها ممانعة و مزاحمة،و لا يضيق بعض الناظرين على بعض ،بل يزيد الأنس بكثرتهم نعم إذا قصد العلماء بالعلم المال،و الجاه،تحاسدوا،لأن المال أعيان و أجسام،إذا وقعت في يد واحد خلت عنها يد الآخر.و معنى الجاه ملك القلوب.و مهما امتلأ قلب شخص بتعظيم عالم،انصرف عن تعظيم الآخر،أو نقص عنه لا محالة،فيكون ذلك سببا للمحاسدة و إذا امتلأ قلب بالفرح بمعرفة اللّه تعالى؛لم يمنع ذلك أن يمتلئ قلب غيره بها،و أن يفرح بذلك.و الفرق بين العلم و المال،أن المال لا يحل في يد ما لم يرتحل عن اليد الأخرى.و العلم في قلب العالم مستقر،و يحل في قلب غيره بتعليمه،من غير أن يرتحل من قلبه.و المال أجسام و أعيان، و لها نهاية:فلو ملك الإنسان جميع ما في الأرض،لم يبق بعده مال يتملكه غيره.و العلم لا نهاية له و لا يتصور استيعابه.فمن عود نفسه الفكر في جلال اللّه و عظمته،و ملكوت أرضه و سمائه،صار ذلك ألذ عنده من كل نعيم،و لم يكن ممنوعا منه،و لا مزاحما فيه،فلا يكون في قلبه حسد لأحد من الخلق،لأن غيره أيضا لو عرف مثل معرفته لم ينقص من لذته،بل زادت لذته بمؤانسته،فتكون لذة هؤلاء في مطالعة عجائب الملكوت على الدوام،أعظم من لذة من ينظر إلى أشجار الجنة و بساتينها بالعين الظاهرة.فإن نعيم العارف و جنته معرفته،التي هي صفة ذاته،يأمن زوالها،و هو أبدا يجنى ثمارها .فهو بروحه و قلبه مغتذ بفاكهة علمه ،و هي فاكهة غير مقطوعة و لا ممنوعة،بل قطوفها دانية.فهو و إن غمض العين الظاهرة،فروحه أبدا ترتع في جنة عالية،و رياض زاهرة.فإن فرض كثرة في العارفين،لم يكونوا متحاسدين،بل كانوا كما قال فيهم رب العالمين وَ نَزَعْنٰا مٰا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوٰاناً عَلىٰ سُرُرٍ مُتَقٰابِلِينَ [1]فهذا حالهم و هم بعد في الدنيا.فما ذا يظن بهم عند انكشاف الغطاء،و مشاهدة المحبوب في العقبي!فإذا

لا يتصور أن يكون في الجنة محاسدة

و لا أن يكون بين أهل الجنة في الدنيا محاسدة،لأن الجنة لا مضايقة فيها و لا مزاحمة، و لا تنال إلا بمعرفة اللّه تعالى،التي لا مزاحمة فيها في الدنيا أيضا.فأهل الجنة بالضرورة برآء


[1] الحجر:47

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 143
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست