responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 142

محاسدة.و كذلك في محلتين .نعم إذا تجاورا في مسكن،أو سوق،أو مدرسة،أو مسجد تواردا على مقاصد تتناقض فيها أغراضهما،فيثور من التناقض التنافر و التباغض،و منه تثور بقية أسباب الحسد .و لذلك ترى العالم يحسد العالم دون العابد،و العابد يحسد العابد دون العالم،و التاجر يحسد التاجر،بل الإسكاف يحسد الإسكاف و لا يحسد البزاز، إلا بسبب آخر سوى الاجتماع في الحرفة.

و يحسد الرجل أخاه و ابن عمه،أكثر مما يحسد الأجانب.

و المرأة تحسد ضرتها و سرية زوجها،أكثر مما تحسد أم الزوج و ابنته:لأن مقصد البزاز غير مقصد الإسكاف،فلا يتزاحمون على المقاصد،إذ مقصد البزاز الثروة،و لا يحصلها إلا بكثرة الزبون،و إنما ينازعه فيه بزاز آخر.إذ حريف البزاز لا يطلبه الإسكاف بل البزاز.ثم مزاحمة البزاز المجاور له،أكثر من مزاحمة البعيد عنه إلى طرف السوق فلا جرم يكون حسده للجار أكثر و كذلك الشجاع يحسد الشجاع و لا يحسد العالم،لأن مقصده أن يذكر بالشجاعة و يشتهر بها،و ينفرد بهذه الخصلة،و لا يزاحمه العالم على هذا الغرض.و كذلك يحسد العالم العالم.و لا يحسد الشجاع.ثم حسد الواعظ للواعظ أكثر من حسده للفقيه و الطبيب لأن التزاحم بينهما على مقصود واحد أخص فأصل هذه المحاسدات العداوة،و أصل العداوة التزاحم بينهما على غرض واحد،و الغرض الواحد لا يجمع متباعدين بل متناسبين،فلذلك يكثر الحسد بينهما.نعم من اشتد حرصه على الجاه ،و أحب الصيت في جميع أطراف العالم بما هو فيه،فإنه يحسد كل من هو في العالم،و إن بعد،ممن يساهمه في الخصلة التي يتفاخر بها.

و منشأ جميع ذلك حب الدنيا

،فإن الدنيا هي التي تضيق على المتزاحمين.أما الآخرة فلا ضيق فيها.

و إنما مثال الآخرة نعمة العلم،فلا جرم من يحب معرفة اللّه تعالى،و معرفة صفاته،و ملائكته، و أنبيائه،و ملكوت سماواته و أرضه،لم يحسد غيره إذا عرف ذلك أيضا،لأن المعرفة لا تضيق عن العارفين،بل المعلوم الواحد يعلمه ألف ألف عالم،و يفرح بمعرفته،و يلتذ به،و لا تنقص لذة واحد بسبب غيره،بل يحصل بكثرة العارفين زيادة الأنس،و ثمرة الاستفادة و الإفادة فلذلك لا يكون بين علماء الدين محاسدة،لأن مقصدهم معرفة اللّه تعالى،و هو بحر واسع

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 142
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست