responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 141

أنعم اللّه به عليه،يشق ذلك عليه.و إذا وصف له اضطراب أمور الناس،و إدبارهم،و فوات مقاصدهم،و تنغص عيشهم،فرح به.فهو أبدا يحب الإدبار لغيره،و يبخل بنعمة اللّه على عباده،كأنهم يأخذون ذلك من ملكه و خزانته.و يقال البخيل من يبخل بمال نفسه، و الشحيح هو الذي يبخل بمال غيره .فهذا يبخل بنعمة اللّه تعالى،على عباده الذين ليس بينه و بينهم عداوة و لا رابطة.و هذا ليس له سبب ظاهر إلا خبث في النفس،و رذالة في الطبع،عليه وقعت الجبلة،و معالجته شديدة.لأن الحسد الثابت بسائر الأسباب، أسبابه عارضة يتصور زوالها،فيطمع في إزالتها.و هذا أخبث في الجبلة،لا عن سبب عارض فتعسر إزالته،إذ يستحيل في العادة إزالته.فهذه هي أسباب الحسد،و قد يجتمع بعض هذه الأسباب،أو أكثرها،أو جميعها في شخص واحد،فيعظم فيه الحسد بذلك،و يقوى قوة لا يقدر معها على الإخفاء و المجاملة،بل ينهتك حجاب المجاملة،و تظهر العداوة بالمكاشفة و أكثر المحاسدات تجتمع فيها جملة من هذه الأسباب،و قلما يتجرد سبب واحد منها .

بيان
السبب في كثرة الحسد بين الأمثال و الأقران و الأخوة و بني العم و الأقارب
و تأكده و قلته في غيرهم و ضعفه

اعلم أن الحسد إنما يكثر بين قوم تكثر بينهم الأسباب التي ذكرناها،و إنما يقوى بين قوم تجتمع جملة من هذه الأسباب فيهم و تتظاهر،إذ الشخص الواحد يجوز أن يحسد لأنه قد يمتنع عن قبول التكبر،و لأنه يتكبر،و لأنه عدو،و لغير ذلك من الأسباب.و هذه الأسباب إنما تكثر بين أقوام تجمعهم روابط،يجتمعون بسببها في مجالس المخاطبات، و يتواردون على الأغراض:فإذا خالف واحد منهم صاحبه في غرض من الأغراض،نفر طبعه عنه،و أبغضه،و ثبت الحقد في قلبه،فعند ذلك يريد أن يستحقره و يتكبر عليه، و يكافئه على مخالفته لغرضه،و يكره تمكنه من النعمة التي توصله إلى أغراضه،و تترادف جملة من هذه الأسباب.إذ لا رابطة بين شخصين في بلدتين متنائيتين،فلا يكون بينهما

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 9  صفحه : 141
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست