responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 8  صفحه : 15

أو أكثرها،من غير اكتساب و تكلف،بل بكشف إلهى في أسرع وقت.و بهذه السعادة يقرب العبد من اللّه تعالى قربا بالمعنى و الحقيقة و الصفة،لا بالمكان و المسافة. و مراقى هذه الدرجات هي منازل السائرين إلى اللّه تعالى،و لا حصر لتلك المنازل، و إنما يعرف كل سالك منزله الذي بلغه في سلوكه،فيعرفه و يعرف ما خلفه من المنازل.فأما ما بين يديه فلا يحيط بحقيقته علما،لكن قد يصدق به إيمانا بالغيب،كما أنا نؤمن بالنبوة و النبي،و نصدق بوجوده،و لكن لا يعرف حقيقة النبوة إلا النبي.و كما لا يعرف الجنين حال الطفل،و لا الطفل حال المميز و ما يفتح له من العلوم الضرورية،و لا المميز حال العاقل و ما اكتسبه من العلوم النظرية،فكذلك لا يعرف العاقل ما افتتح اللّه على أوليائه و أنبيائه من مزايا لطفه و رحمته.ما يفتح اللّه للناس من رحمة فلا ممسك لها.و هذه الرحمة مبذولة بحكم الجود و الكرم من اللّه سبحانه و تعالى،غير مضنون بها على أحد،و لكن إنما تظهر في القلوب المتعرضة لنفحات رحمة اللّه تعالى،كما قال صلى اللّه عليه و سلم[1]«إنّ لربّكم في أيّام دهركم لنفحات ألا فتعرّضوا لها»و التعرض لها بتطهير القلب و تزكيته من الخبث و الكدورة الحاصلة من الأخلاق المذمومة كما سيأتي بيانه و إلى هذا الجود الإشارة بقوله صلى اللّه عليه و سلم«ينزل اللّه كلّ ليلة إلى سماء الدّنيا فيقول هل من داع فأستجيب له؟»و بقوله عليه الصلاة و السلام،حكاية عن ربه[2]عز و جل«لقد طال شوق الأبرار إلى لقائي و أنا إلى لقائهم أشدّ شوقا» و بقوله تعالى[3]«من تقرّب إلىّ شبرا تقرّبت إليه ذراعا»كل ذلك إشارة إلى أن أنوار العلوم لم تحتجب عن القلوب لبخل و منع من جهة المنعم تعالى عن البخل و المنع علوا كبيرا،و لكن حجبت لخبث و كدورة و شغل من جهة القلوب فإن القلوب كالأوانى،فما دامت ممتلئة بالماء لا يدخلها الهواء فالقلوب المشغولة بغير اللّه لا تدخلها المعرفة بجلال اللّه تعالى.و إليه الإشارة بقوله صلى اللّه عليه و سلم

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 8  صفحه : 15
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست