responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 8  صفحه : 16

[1]«لو لا أنّ الشّياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السّماء» و من هذه الجملة يتبين أن خاصية الإنسان العلم و الحكمة.و أشرف أنواع العلم هو العلم باللّه و صفاته و أفعاله. فبه كمال الإنسان،و في كماله سعادته و صلاحه لجوار حضرة الجلال و الكمال.فالبدن مركب للنفس،و النفس محل للعلم،و العلم هو مقصود الإنسان و خاصيته التي لأجله خلق،و كما أن الفرس يشارك الحمار في قوة الحمل،و يختص عنه بخاصية الكر و الفر و حسن الهيئة،فيكون الفرس مخلوقا لأجل تلك الخاصية.فإن تعطلت منه نزل إلى حضيض رتبة الحمار.و كذلك الإنسان.يشارك الحمار و الفرس في أمور،و يفارقهما في أمور هي خاصيته.و تلك الخاصية من صفات الملائكة المقربين من رب العالمين، و الإنسان على رتبه بين البهائم و الملائكة، فإن الإنسان من حيث يتغذى و ينسل فنبات،و من حيث يحس و يتحرك بالاختيار فحيوان،و من حيث صورته و قامته فكالصورة المنقوشة على الحائط.

و إنما خاصيته معرفة حقائق الأشياء. فمن استعمل جميع أعضائه و قواه على وجه الاستعانة بها على العلم و العمل،فقد تشبه بالملائكة،فحقيق بأن يلحق بهم،و جدير بأن يسمى ملكا و ربانيا،كما أخبر اللّه تعالى عن صواحبات يوسف عليه السلام مٰا هٰذٰا بَشَراً إِنْ هٰذٰا إِلاّٰ مَلَكٌ كَرِيمٌ [1]و من صرف همته إلى اتباع اللذات البدنية؛يأكل كما تأكل الأنعام،فقد انحط إلى حضيض أفق البهائم،فيصير إما غمرا كثور،و إما شرها كخنزير،و إما ضريا ككلب أو سنور،أو حقودا كجمل،أو متكبرا كنمر،أو ذا روغان كثعلب،أو يجمع ذلك كله كشيطان مريد. و ما من عضو من الأعضاء و لا حاسة من الحواس،إلا و يمكن الاستعانة به على طريق الوصول إلى اللّه تعالى،كما سيأتي بيان طرف منه في كتاب الشكر فمن استعمله فيه فقد فاز،و من عدل عنه فقد خسر و خاب و جملة السعادة في ذلك أن يجعل لقاء اللّه تعالى مقصده،و الدار الآخرة مستقره،و الدنيا منزله،و البدن مركبه،و الأعضاء خدمه،فيستقر هو،أعنى المدرك من الإنسان،في القلب الذي هو وسط مملكته كالملك،و يجرى القوة الخيالية المودعة في مقدم الدماغ مجرى صاحب بريده،إذ تجتمع أخبار المحسوسات عنده،و يجرى القوة الحافظة التي مسكنها مؤخر الدماغ


[1] يوسف:31

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 8  صفحه : 16
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست