responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 91

و قال سهل بن عبد اللّه:الفقير الذي لا يسأل و لا يدخر.و قال آخر:هو أن لا يكون لك فإن كان لك فلا يكون لك من حيث لم يكن لك.و قال إبراهيم الخواص: هو ترك الشكوى و إظهار أثر البلوى.و المقصود أنه لو سئل منهم مائة،لسمع مائة جواب مختلفة،قلما يتفق منها اثنان. و ذلك كله حق من وجه،فإنه خبر كل واحد عن حاله و ما غلب على قلبه.و لذلك لا ترى اثنين منهم يثبت أحدهما لصاحبه قدما في التصوف،أو يثنى عليه،بل كل واحد منهم يدعى أنه الواصل إلى الحق،و الواقف عليه،لأن أكثر ترددهم على مقتضى الأحوال التي تعرض لقلوبهم،فلا يشتغلون إلا بأنفسهم،و لا يلتفتون إلى غيرهم.و نور العلم إذا أشرق أحاط بالكل،و كشف الغطاء،و رفع الاختلاف.و مثال نظر هؤلاء ما رأيت من نظر قوم في أدلة الزوال بالنظر في الظل،فقال بعضهم هو في الصيف قدمان،و حكي عن آخر أنه نصف قدم،و آخر يرد عليه و أنه في الشتاء سبعة أقدام،و حكي عن آخر أنه خمسة أقدام و آخر يرد عليه،فهذا يشبه أجوبة الصوفية و اختلافهم.فإن كل واحد من هؤلاء أخبر عن الظل الذي رآه ببلد نفسه،فصدق في قوله،و أخطأ في تخطئته صاحبه،إذ ظن أن العالم كله بلده،أو هو مثل بلده.كما أن الصوفي لا يحكم على العالم إلا بما هو حال نفسه.و العالم بالزوال هو الذي يعرف علة طول الظل و قصره،و علة اختلافه بالبلاد،فيخبر بأحكام مختلفة في بلاد مختلفة،و يقول في بعضها لا يبقى ظل،و في بعضها يطول،و في بعضها يقصر فهذا ما أردنا أن نذكره من فضيلة العزلة و المخالطة فإن قلت:فمن آثر العزلة و رآها أفضل له و أسلم،فما آدابه في العزلة؟فنقول إنما يطول النظر في آداب المخالطة،و قد ذكرناها في كتاب آداب الصحبة

و أما آداب العزلة فلا تطول.

فينبغي للمعتزل أن ينوي بعزلته كف شر نفسه عن الناس أولا،ثم طلب السلامة من شر الأشرار ثانيا، ثم الخلاص من آفة القصور عن القيام بحقوق المسلمين ثالثا، ثم التجرد بكنه الهمة لعبادة اللّه رابعا،فهذه آداب نيته.ثم ليكن في خلق مواظبا على العلم و العمل،و الذكر و الفكر،ليجتنى ثمرة العزلة،و ليمنع الناس عن أن يكون غشيانه و زيارته،فيشوش أكثر وقته،و ليكف عن السؤال عن أخبارهم،و عن الإصغاء إلى أراجيف البلد،و ما الناس مشغولون به،فإن كل ذلك ينغرس في القلب،حتى ينبعث في أثناء الصلاة أو الفكر من حيث لا يحتسب. فوقوع الأخبار في السمع كوقوع البذر

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 91
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست