responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 90

أحدها ما ذكرناه.و الثاني عموم النفع لتعدي فائدته،و العمل لا تتعدى فائدته. و الثالث أن يراد به العلم باللّه و صفاته و أفعاله،فذلك أفضل من كل عمل. بل مقصود الأعمال صرف القلوب عن الخلق إلى الخالق،لتنبعث بعد الانصراف إليه لمعرفته و محبته.فالعمل و علم العمل مرادان لهذا العلم،و هذا العلم غاية المريدين،و العمل كالشرط له،و إليه الإشارة بقوله تعالى إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصّٰالِحُ يَرْفَعُهُ [1]فالكلم الطيب هو هذا العلم،و العمل كالحمال الرافع له إلى مقصده،فيكون المرفوع أفضل من الرافع.و هذا كلام معترض لا يليق بهذا الكلام، فلنرجع إلى المقصود فنقول إذا عرفت فوائد العزلة و غوائلها،تحققت أن الحكم عليها مطلقا بالتفضيل نفيا و إثباتا خطأ.بل ينبغي أن ينظر إلى الشخص و حاله،و إلى الخليط و حاله،و إلى الباعث على مخالطته و إلى الفائت بسبب مخالطته من هذه الفوائد المذكورة.و يقاس الفائت بالحاصل.فعند ذلك يتبين الحق،و يتضح الأفضل.و كلام الشافعي رحمه اللّه هو فصل الخطاب،إذ قال يا يونس،الانقباض عن الناس مكسبة للعداوة،و الانبساط إليهم مجلبة لقرناء السوء فكن بين المنقبض و المنبسط. فلذلك يجب الاعتدال في المخالطة و العزلة.و يختلف ذلك بالأحوال و بملاحظة الفوائد و الآفات يتبين الأفضل.هذا هو الحق الصراح.و كل ما ذكر سوى هذا فهو قاصر.و إنما هو إخبار كل واحد عن حالة خاصة هو فيها،و لا يجوز أن يحكم بها على غيره المخالف له في الحال.و الفرق بين العالم و الصوفي في ظاهر العلم يرجع إلى هذا و هو أن الصوفي لا يتكلم إلا عن حاله،فلا جرم تختلف أجوبتهم في المسائل،و العالم هو الذي يدرك الحق على ما هو عليه،و لا ينظر إلى حال نفسه،فيكشف الحق فيه.و ذلك مما لا يختلف فيه.فإن الحق واحد ابدا. و القاصر عن الحق كثير لا يحصى.و لذلك سئل الصوفية عن الفقر،فما من واحد إلا و أجاب بجواب غير جواب الآخر.و كل ذلك حق بالإضافة إلى حاله،و ليس بحق في نفسه.إذ الحق لا يكون إلا واحدا.و لذلك قال أبو عبد اللّه الجلاء،و قد سئل عن الفقر فقال:اضرب بكميك الحائط،و قل ربي اللّه،فهو الفقر.و قال الجنيد:الفقير هو الذي لا يسأل أحدا و لا يعارض،و إن عورض سكت.


[1] فاطر:9

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 90
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست