responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 89

و هذه الصفات مهلكات في أنفسها،يجب إماطتها و قهرها،و لا يكفي تسكينها بالتباعد عما يحركها.فمثال القلب المشحون بهذه الخبائث، مثال دمل ممتلئ بالصديد و المدة و قد لا يحس صاحبه بألمه ما لم يتحرك،أو يمسه غيره،فإن لم يكن له يد تمسه،أو عين تبصر صورته،و لم يكن معه من يحركه،ربما ظن بنفسه السلامة،و لم يشعر بالدمل في نفسه و اعتقد فقده.و لكن لو حركه محرك،أو أصابه مشرط حجام،لا نفجر منه الصديد و فار فوران الشيء المختنق إذا حبس عن الاسترسال.فكذلك القلب المشحون بالحقد و البخل،و الحسد،و الغضب،و سائر الأخلاق الذميمة،إنما تتفجر منه خبائثه إذا حرك.

و عن هذا كان السالكون لطريق الآخرة،الطالبون لتزكية القلوب،يجربون أنفسهم.

فمن كان يستشعر في نفسه كبرا سعى في إماطته،حتى كان بعضهم يحمل قربة ماء على ظهره بين الناس،أو حزمة حطب على رأسه و يتردد في الأسواق، ليجرب نفسه بذلك.فإن غوائل النفس و مكايد الشيطان خفية،قل من يتفطن لها.و لذلك حكي عن بعضهم أنه قال أعدت صلاة ثلاثين سنة،مع أنى كنت أصليها في الصف الأول،و لكن تخلفت يوما بعذر،فما وجدت موضعا في الصف الأول،فوقفت في الصف الثاني،فوجدت نفسي تستشعر خجلة من نظر الناس إلىّ،و قد سبقت إلى الصف الأول،فعلمت أن جميع صلواتى التي كنت أصليها كانت مشوبة بالرياء،ممزوجة بلذة نظر الناس إلىّ،و رؤيتهم إياي في زمرة السابقين إلى الخير،فالمخالطة لها فائدة ظاهرة عظيمة في استخراج الخبائث و إظهارها و لذلك قيل السفر يسفر عن الأخلاق،فإنه نوع من المخالطة الدائمة.و ستأتي غوائل هذه المعاني و دقائقها في ربع المهلكات، فإن بالجهل بها يحبط العمل الكثير،و بالعلم بها يزكو العمل القليل.و لو لا ذلك ما فضل العلم على العمل.إذ يستحيل أن يكون العلم بالصلاة و لا يراد إلا للصلاة،أفضل من الصلاة.فإنا نعلم أن ما يراد لغيره،فإما ذلك الغير أشرف منه.و قد قضى الشرع بتفضيل العالم على العابد،حتى قال صلّى اللّه عليه و سلم[1]«فضل العالم على العابد كفضلي على أدنى رجل من أصحابي»فمعنى تفضيل العلم يرجع إلى ثلاثة أوجه.

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 89
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست