responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 83

و ليس بأفضل من العزلة للاشتغال بالتحقق في معرفة اللّه،و معرفة علوم الشرع،و لا من الإقبال بكنه الهمة على اللّه تعالى،و التجرد بها لذكر اللّه.أعنى من حصل له أنس بمناجاة اللّه عن كشف و بصيرة،لا عن أوهام و خيالات فاسدة و أما النفع ،فهو أن ينفع الناس،إما بماله أو ببدنه.فيقوم بحاجاتهم على سبيل الحسبة ففي النهوض بقضاء حوائج المسلمين ثواب،و ذلك لا ينال إلا بالمخالطة.و من قدر عليها مع القيام بحدود الشرع فهي أفضل له من العزلة،إن كان لا يشتغل في عزلته إلا بنوافل الصلوات و الأعمال البدنية.و إن كان ممن انفتح له طريق العمل بالقلب،بدوام ذكر أو فكر فذلك لا يعدل به غيره البتة

الفائدة الثالثة
التأديب و التأدب.

و نعني به الارتياض بمقاساة الناس،و المجاهدة في تحمل أذاهم كسرا للنفس،و قهرا للشهوات.و هي من الفوائد التي تستفاد بالمخالطة،و هي أفضل من العزلة في حق من لم تتهذب أخلاقه،و لم تذعن لحدود الشرع شهواته.و لهذا انتدب خدام الصوفية في الرباطات،فيخالطون الناس بخدمتهم،و أهل السوق للسؤال منهم،كسرا لرعونة النفس و استمدادا من بركة دعاء الصوفية،المنصرفين بهممهم إلى اللّه سبحانه.و كان هذا هو المبدأ في الأعصار الخالية.و الآن قد خالطته الأغراض الفاسدة،و مال ذلك عن القانون،كما مالت سائر شعائر الدين،فصار يطلب من التواضع بالخدمة التكثير بالاستتباع،و التذرع إلى جمع المال،و الاستظهار بكثرة الأتباع.فإن كانت النية هذه فالعزلة خير من ذلك،و لو إلى القبر.و إن كانت النية رياضة النفس،فهي خير من العزلة في حق المحتاج إلى الرياضة و ذلك مما يحتاج إليه في بداية الإرادة.فبعد حصول الارتياض،ينبغي أن يفهم أن الدابة لا يطلب من رياضتها عين رياضتها،بل المراد منها أن تتخذ مركبا،يقطع به المراحل و يطوى على ظهره الطريق.و البدن مطية للقلب،يركبها ليسلك بها طريق الآخرة.و فيها شهوات إن لم يكسرها جمحت به في الطريق.فمن اشتغل طول العمر بالرياضة.كان كمن اشتغل طول عمر الدابة برياضتها و لم يركبها.فلا يستفيد منها إلا الخلاص في الحال من عضها و رفسها

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 83
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست