responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 82

واجبا عليهم.و ربما لا يختلف إليه ما لم يتكفل برزق له على الإدرار،ثم إن المدرس المسكين قد يعجز عن القيام بذلك من ماله،فلا يزال مترددا إلى أبواب السلاطين،و يقاسى الذل و الشدائد مقاساة الذليل المهين،حتى يكتب له على بعض وجوه السحت مال حرام،ثم لا يزال العامل يسترقه و يستخدمه،و يمتهنه و يستذله، إلى أن يسلم إليه ما يقدره نعمة مستأنفة من عنده عليه،ثم يبقى في مقاساة القسمة على أصحابه،إن سوّى بينهم مقته المميزون و نسبوه إلى الحمق و قلة التمييز،و القصور عن درك مصارفات الفضل،و القيام في مقادير الحقوق بالعدل.و إن فاوت بينهم سلقه السفهاء بألسنة حدود،و ثاروا عليه ثوران الأساود و الآساد.فلا يزال في مقاساتهم في الدنيا،و في مطالبة ما يأخذه و يفرقه عليهم في العقى و العجب أنه مع هذا البلاء كله،يمني نفسه بالأباطيل،و يدليها بحبل الغرور.و يقول لها:

لا تفترى عن صنيعك،فإنما أنت بما تفعلينه مريدة وجه اللّه تعالى،و مذيعة شرع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم،و ناشرة علم دين اللّه،و قائمة بكفاية طلاب العلم من عباد اللّه،و أموال السلاطين لا مالك لها،و هي مرصدة للمصالح،و أي مصلحة أكبر من تكثير أهل العلم؟ فبهم يظهر الدين و يتقوى أهله.و لو لم يكن ضحكة للشيطان لعلم بأدنى تأمل،أن فساد الزمان لا سبب له إلا كثرة أمثال أولئك الفقهاء،الذين يأكلون ما يجدون،و لا يميزون بين الحلال و الحرام،فتلحظهم أعين الجهال،و يستجرءون على المعاصي باستجرائهم،اقتداء بهم،و اقتفاء لآثارهم.و لذلك قيل:ما فسدت الرعية إلا بفساد الملوك،و ما فسدت الملوك إلا بفساد العلماء. فنعوذ باللّه من الغرور و العمى،فإنه الداء الذي ليس له دواء

الفائدة الثانية

النفع و الانتفاع. أما الانتفاع بالناس فبالكسب و المعاملة.و ذلك لا يتأتى إلا بالمخالطة و المحتاج إليه مضطر إلى ترك العزلة.فيقع في جهاد من المخالطة إن طلب موافقة الشرع فيه كما ذكرناه في كتاب الكسب،فإن كان معه مال لو اكتفى به قانعا لأقنعه،فالعزلة أفضل له إذا انسدت طرق المكاسب في الأكثر إلا من المعاصي.إلا أن يكون غرضه الكسب للصدقة،فإذا اكتسب من وجهه و تصدق به،فهو أفضل من العزلة،للاشتغال بالنافلة

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 82
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست