responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 70

و إنما الوازع عنه شدة وقعه في القلب،فإذا صار مستصغرا بطول المشاهدة،أو شك أن تنحل القوة الوازعة،و يذعن الطبع للميل إليه أو لما دونه.و مهما طالت مشاهدته للكبائر من غيره،استحقر الصغائر من نفسه.و لذلك يزدرى الناظر إلى الأغنياء نعمة اللّه عليه فتؤثر مجالستهم في أن يستصغر ما عنده،و تؤثر مجالسة الفقراء في استعظام ما أتيح له من النعم.و كذلك النظر إلى المطيعين و العصاة،هذا تأثيره في الطبع،فمن يقصر نظره على ملاحظة أحوال الصحابة و التابعين في العبادة و التنزه عن الدنيا،فلا يزال ينظر إلى نفسه بعين الاستصغار،و إلى عبادته بعين الاستحقار.و ما دام يرى نفسه مقصرا،فلا يخلو عن داعية الاجتهاد،رغبة في الاستكمال،و استتماما للاقتداء.و من نظر إلى الأحوال الغالبة على أهل الزمان،و إعراضهم عن اللّه،و إقبالهم على الدنيا،و اعتيادهم المعاصي،استعظم أمر نفسه بأدنى رغبة في الخير يصادفها في قلبه،و ذلك هو الهلاك.و يكفي في تغيير الطبع مجرد سماع الخير و الشر فضلا عن مشاهدته.و بهذه الدقيقة يعرف سر قوله صلّى اللّه عليه و سلم[1]«عند ذكر الصّالحين تنزل الرّحمة» و إنما الرحمة دخول الجنة و لقاء اللّه.و ليس ينزل عند الذكر عين ذلك و لكن سببه،و هو انبعاث الرغبة من القلب،و حركة الحرص على الاقتداء بهم،و الاستنكاف عما هو ملابس له من القصور و التقصير.و مبدأ الرحمة فعل الخير،و مبدأ فعل الخير الرغبة و مبدأ الرغبة ذكر أحوال الصالحين. فهذا معنى نزول الرحمة و المفهوم من فحوى هذا الكلام عند الفطن،كالمفهوم من عكسه،و هو أن عند ذكر الفاسقين تنزل اللعنة، لأن كثرة ذكرهم تهون على الطبع أمر المعاصي،و اللعنة هي البعد و مبدأ البعد من اللّه هو المعاصي و الإعراض عن اللّه،بالإقبال على الحظوظ العاجلة،و الشهوات الحاضرة،لا على الوجه المشروع.و مبدأ المعاصي سقوط ثقلها و تفاحشها عن القلب،و مبدأ سقوط الثقل وقوع الأنس بها بكثرة السماع.و إذا كان هذا حال ذكر الصالحين و الفاسقين فما ظنك بمشاهدتهم؟بل قد صرح بذلك رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم حيث قال[2]«مثل الجليس السّوء كمثل الكير إن لم يحرقك بشرره علق بك من ريحه»فكما أن الريح

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 70
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست