responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 69

ثم قال:و اللّه لا أسأل أحدا حاله أبدا.و إنما فعل ذلك لأنه خشي أن يكون سؤاله من غير اهتمام بأمره،فيكون بذلك مرائيا منافقا،فقد كان سؤالهم عن أمور الدين،و أحوال القلب في معاملة اللّه.و إن سألوا عن أمور الدنيا فعن اهتمام،و عزم على القيام بما يظهر لهم من الحاجة و قال بعضهم.إنى لأعرف أقواما كانوا لا يتلاقون،و لو حكم أحدهم على صاحبه بجميع ما يملكه لم يمنعه،و أرى الآن أقواما يتلاقون و يتساءلون،حتى عن الدجاجة في البيت و لو انبسط أحدهم لحبة من مال صاحبه لمنعه.فهل هذا إلا مجرد الرياء و النفاق؟و آية ذلك أنك ترى هذا يقول كيف أنت؟و يقول الآخر كيف أنت؟فالسائل لا ينتظر الجواب،و المسئول يشتغل بالسؤال و لا يجيب.و ذلك لمعرفتهم بأن ذلك عن رياء و تكلف.و لعل القلوب لا تخلو عن ضغائن و أحقاد،و الألسنة تنطق بالسؤال.قال الحسن: إنما كانوا يقولون السلام عليكم،إذا سلمت و اللّه القلوب.و أما الآن،فكيف أصبحت عافاك اللّه؟كيف أنت أصلحك اللّه؟ فإن أخذنا بقولهم كانت بدعة لا كرامة،فإن شاءوا غضبوا علينا،و إن شاءوا لا.و إنما قال ذلك لأن البداية بقوله كيف أصبحت بدعة.و قال رجل لأبي بكر بن عياش كيف أصبحت فما أجابه،و قال دعونا من هذه البدعة.و قال إنما حدث هذا في زمان الطاعون،الذي كان يدعى طاعون عمواس بالشام،من الموت الذريع كان الرجل يلقاه أخوه غدوة فيقول كيف أصبحت من الطاعون؟و يلقاه عشية فيقول كيف أمسيت؟ و المقصود أن الالتقاء في غالب العادات،ليس يخلو عن أنواع من التصنع و الرياء و النفاق و كل ذلك مذموم،بعضه محظور،و بعضه مكروه.و في العزلة الخلاص من ذلك،فإن من لقي الخلق و لم يخالقهم بأخلاقهم مقتوه و استثقلوه،و اغتابوه و تشمروا لإيذائه،فيذهب دينهم فيه،و يذهب دينه و دنياه في الانتقام منهم

و أما مسارقة الطبع

مما يشاهده من أخلاق الناس و أعمالهم،فهو داء دفين،قلما يتنبه له العقلاء فضلا عن الغافلين.فلا يجالس الإنسان فاسقا مدة،مع كونه منكرا عليه في باطنه،إلا و لو قاس نفسه إلى ما قبل مجالسته،لأدرك بينهما تفرقة في النفرة عن الفساد و استثقاله،إذ يصير الفساد بكثرة المشاهدة هينا على الطبع،فيسقط وقعه و استعظامه له

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 69
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست