نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 6 صفحه : 60
و إنما الكلام في مخالطة المسلمين و ما فيها من البركة،لما روي أنه قيل يا رسول اللّه [1]الوضوء من جر مخمر أحب إليك أو من هذه المطاهر التي يتطهر منها الناس؟فقال «بل من هذه المطاهر التماسا لبركة أيدي المسلمين» و روي أنه صلّى اللّه عليه و سلم[2] لما طاف بالبيت، عدل إلى زمزم ليشرب منها،فإذا التمر المنقع في حياض الأدم و قد مغثه الناس بأيديهم،و هم يتناولون منه و يشربون،فاستسقى منه،و قال اسقوني.فقال العباس إن هذا النبيذ شراب قد مغث و خيض بالأيدي،أ فلا آتيك بشراب أنظف من هذا من جر مخمر في البيت؟فقال«اسقوني من هذا الّذي يشرب منه النّاس ألتمس بركة أيدي المسلمين» فشرب منه. فإذا كيف يستدل باعتزال الكفار و الأصنام على اعتزال المسلمين مع كثرة البركة فيهم
و احتجوا أيضا بقول موسى عليه السلام
وَ إِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ [1]و إنه فزع إلى العزلة عند اليأس منهم.و قال تعالى في أصحاب الكهف وَ إِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَ مٰا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللّٰهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ [2]أمرهم بالعزلة.و قد اعتزل نبينا صلّى اللّه عليه و سلم[3]قريشا لما آذوه و جفوه،و دخل الشعب!و أمر أصحابه باعتزالهم و الهجرة إلى أرض الحبشة،ثم تلاحقوا به إلى المدينة،بعد أن أعلى اللّه كلمته. و هذا أيضا