نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 6 صفحه : 61
اعتزال عن الكفار بعد اليأس منهم،فإنه صلّى اللّه عليه و سلم لم يعتزل المسلمين،و لا من توقع إسلامه من الكفار. و أهل الكهف لم يعتزل بعضهم بعضا و هم مؤمنون،و إنما اعتزلوا الكفار.و إنما النظر في العزلة من المسلمين
و احتجوا بقوله صلّى اللّه عليه و سلم
[1]لعبد اللّه بن عامر الجهني،لما قال يا رسول اللّه،ما النجاة؟ قال«ليسعك بيتك و أمسك عليك لسانك و ابك على خطيئتك»و روي أنه قيل له صلّى اللّه عليه و سلم[2]أي الناس أفضل؟قال«مؤمن مجاهد بنفسه و ما له في سبيل اللّه تعالى»قيل ثم من؟قال«رجل معتزل في شعب من الشّعاب يعبد ربّه و يدع النّاس من شرّه»و قال صلّى اللّه عليه و سلم[3]«إنّ اللّه يحب العبد التّقي ّ الغنيّ الخفيّ» و في الاحتجاج بهذه الأحاديث نظر.فأما قوله لعبد اللّه بن عامر، فلا يمكن تنزيله إلا على ما عرفه صلّى اللّه عليه و سلم بنور النبوة من حاله،و أن لزوم البيت كان أليق به و أسلم له من المخالطة،فإنه لم يأمر جميع الصحابة بذلك،و رب شخص تكون سلامته في العزلة لا في المخالطة،كما قد تكون سلامته في القعود في البيت،و أن لا يخرج إلى الجهاد.
و ذلك لا يدل على أن ترك الجهاد أفضل.و في مخالطة الناس مجاهدة و مقاساة،و لذلك قال صلّى اللّه عليه و سلم[4]«الّذي يخالط النّاس و يصبر على أذاهم خير من الّذي لا يخالط النّاس و لا يصبر على أذاهم»و على هذا ينزل قوله عليه السلام«رجل معتزل يعبد ربّه و يدع النّاس من شرّه»فهذا إشارة إلى شرير بطبعه،تتأذى الناس بمخالطته.و قوله «إنّ اللّه يحبّ التّقىّ الخفىّ»إشارة إلى إيثار الخمول،و توقى الشهرة،و ذلك لا يتعلق بالعزلة
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 6 صفحه : 61