نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد جلد : 6 صفحه : 59
مع شدة وجوبه في ابتداء الإسلام،بدليل ما روي عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنه قال:غزونا مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم،[1]فمررنا بشعب فيه عيينة طيبة الماء فقال واحد من القوم:لو اعتزلت الناس في هذا الشعب،و لن أفعل ذلك حتى أذكره لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم،فقال صلّى اللّه عليه و سلم«لا تفعل فإنّ مقام أحدكم في سبيل اللّه خير من صلاته في أهله ستّين عاما،ألا تحبّون أن يغفر اللّه لكم و تدخلوا الجنّة؟ اغزوا في سبيل اللّه فإنّه من قاتل في سبيل اللّه فواق ناقة أدخله اللّه الجنّة»
و احتجوا بما روى معاذ بن جبل
،أنه صلّى اللّه عليه و سلم[2]قال«إنّ الشّيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ القاصية و النّاحية و الشّاردة و إيّاكم و الشّعاب و عليكم بالعامّة و الجماعة و المساجد»و هذا إنما أراد به من اعتزل قبل تمام العلم،و سيأتي بيان ذلك و أن ذلك ينهى عنه إلا لضرورة
ذكر حجج المائلين إلى تفضيل العزلة
احتجوا بقوله تعالى
،حكاية عن إبراهيم عليه السلام وَ أَعْتَزِلُكُمْ وَ مٰا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ وَ أَدْعُوا رَبِّي [1]الآية ثم قال تعالى فَلَمَّا اعْتَزَلَهُمْ وَ مٰا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللّٰهِ وَهَبْنٰا لَهُ إِسْحٰاقَ وَ يَعْقُوبَ وَ كُلاًّ جَعَلْنٰا نَبِيًّا [2]إشارة إلى أن ذلك ببركة العزلة.و هذا ضعيف لأن مخالطة الكفار لا فائدة فيها إلا دعوتهم إلى الدين،و عند اليأس من إجابتهم فلا وجه إلا هجرهم