responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 36

روضة من رياض الجنة،و من غفل عن ذكره وجده حفرة من حفر النار .و كان الربيع ابن خثيم قد حفر في داره قبرا،فكان إذا وجد في قلبه قساوة دخل فيه فاضطجع فيه،و مكث ساعة،ثم قال رَبِّ ارْجِعُونِ لَعَلِّي أَعْمَلُ صٰالِحاً فِيمٰا تَرَكْتُ [1]،ثم يقول:يا ربيع قد أرجعت فاعمل الآن قبل أن لا ترجع .و قال ميمون بن مهران:خرجت مع عمر بن عبد العزيز إلى المقبرة،فلما نظر إلى القبور بكى،و قال يا ميمون،هذه قبور آبائي بني أمية،كأنهم لم يشاركوا أهل الدنيا في لذاتهم.أما تراهم صرعى قد خلت بهم المثلات؟و أصاب الهوام من أبدانهم؟ثم بكى،و قال:و اللّه ما أعلم أحدا أنعم ممن صار إلى هذه القبور،و قد أمن من عذاب اللّه و آداب المعزى خفض الجناح،و إظهار الحزن،و قلة الحديث،و ترك التبسم.

و آداب تشييع الجنازة لزوم الخشوع،و ترك الحديث،و ملاحظة الميت، و التفكر في الموت،و الاستعداد له،و أن يمشي أمام الجنازة بقربها[1]و الإسراع بالجنازة سنة فهذه جمل آداب تنبه على آداب المعاشرة مع عموم الخلق،و الجملة الجامعة فيه،أن لا تستصغر منهم أحدا حيا كان أو ميتا فتهلك لأنك لا تدري لعله خير منك،فإنه و إن كان فاسقا فلعله يختم لك بمثل حاله و يختم له بالصلاح.و لا تنظر إليهم بعين التعظيم لهم في حال دنياهم،فإن الدنيا صغيرة عند اللّه،صغير ما فيها، و مهما عظم أهل الدنيا،في نفسك فقد عظمت الدنيا،فتسقط من عين اللّه.و لا تبذل لهم دينك لتنال من دنياهم،فتصغر في أعينهم،ثم تحرم دنياهم،فإن لم تحرم كنت قد استبدلت الذي هو أدنى بالذي هو خير.و لا تعادهم بحيث تظهر العداوة، فيطول الأمر عليك في المعاداة،و يذهب دينك و دنياك فيهم،و يذهب دينهم فيك،إلا إذا رأيت منكرا في الدين،فتعادي أفعالهم القبيحة،و تنظر إليهم بعين الرحمة لهم،لتعرضهم لمقت اللّه و عقوبته بعصيانهم.فحسبهم جهنم يصلونها،فما لك تحقد عليهم!و لا تسكن إليهم في مودتهم لك،و ثنائهم عليك في وجهك،و حسن بشرهم لك،فإنك إن طلبت حقيقة ذلك لم تجد في المائة إلا واحدا،و ربما لا تجده.و لا تشك إليهم أحوالك،فيكلك اللّه إليهم.

و لا تطمع أن يكونوا لك في الغيب و السر كما في العلانية،فذلك طمع كاذب، و أنّى تظفر به.


[1] المؤمنون:99،100

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 36
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست