responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 195

حكي أن شابا كان يصحب الجنيد،فكان إذا سمع شيئا من الذكر يزعق،فقال له الجنيد يوما إن فعلت ذلك مرة أخرى لم تصحبنى، فكان بعد ذلك يضبط نفسه حتى يقطر من كل شعرة منه قطرة ماء و لا يزعق،فحكي أنه اختنق يوما لشدة ضبطه لنفسه،فشهق شهقة فانشق قلبه و تلفت نفسه و روي أن موسى عليه السلام قص في بني إسرائيل فمزق واحد منهم ثوبه أو قميصه فأوحى اللّه تعالى إلى موسى عليه السلام،قل له مزق لي قلبك و لا تمزق ثوبك،قال أبو القاسم النصرآباذي لأبي عمرو بن عبيد،أنا أقول إذا اجتمع القوم فيكون معهم قوال يقول خير لهم من أن يغتابوا، فقال أبو عمرو الرياء في السماع،و هو أن ترى من نفسك حالا ليست فيك شر من أن تغتاب ثلاثين سنة،أو نحو ذلك فإن قلت:الأفضل هو الذي لا يحركه السماع و لا يؤثر في ظاهره،أو الذي يظهر عليه فاعلم:أن عدم الظهور تارة يكون لضعف الوارد من الوجد فهو نقصان،و تارة يكون مع قوّة الوجد في الباطن،و لكن لا يظهر لكمال القوّة على ضبط الجوارح،فهو كمال، و تارة يكون لكون حال الوجد ملازما و مصاحبا في الأحوال كلها،فلا يتبين للسماع مزيد تأثير و هو غاية الكمال،فإن صاحب الوجد في غالب الأحوال لا يدوم وجده،فمن هو في وجد دائم فهو المرابط للحق و الملازم لعين الشهود،فهذا لا تغيره طوارق الأحوال،و لا يبعد أن تكون الإشارة بقول الصديق رضي اللّه عنه،كنا كما كنتم ثم قست قلوبنا،معناه قويت قلوبنا و اشتدت فصارت تطيق ملازمة الوجد في كل الأحوال،فنحن في سماع معانى القرءان على الدوام،فلا يكون القرءان جديدا في حقنا طارئا علينا حتى نتأثر به، فإذا قوة الوجد تحرك،و قوة العقل و التماسك تضبط الظاهر،و قد يغلب أحدهما الآخر إما لشدة قوته،و إما لضعف ما يقابله،و يكون النقصان و الكمال بحسب ذلك،فلا تظنن أن الذي يضطرب بنفسه على الأرض أتم و جدا من الساكن باضطرابه،بل رب ساكن أتم و جدا من المضطرب،فقد كان الجنيد يتحرك في السماع في بدايته ثم صار لا يتحرك،فقيل له في ذلك فقال وَ تَرَى الْجِبٰالَ تَحْسَبُهٰا جٰامِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحٰابِ صُنْعَ اللّٰهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ [1]إشارة إلى أن القلب مضطرب جائل في الملكوت و الجوارح متأدبة في الظاهر ساكنة


[1] النمل:88

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 195
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست