responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 189

أحدهما:حالة غالبة مستغرقة قاهرة،و الآخر:تفطن بليغ و تيقظ بالغ كامل،للتنبيه بالأمور القريبة على المعاني البعيدة،و ذلك مما يعز فلأجل ذلك يفزع إلى الغناء الذي هو ألفاظ مناسبة للأحوال،حتى يتسارع هيجانها،و روى أن أبا الحسين النوري كان مع جماعة في دعوى فجرى بينهم مسألة في العلم،و أبو الحسين ساكت ثم رفع رأسه،و أنشدهم:


رب و رقاء هتوف في الضحى ذات شجو صدحت في فنن
ذكرت إلفا و دهرا صالحا و بكت حزنا فهاجت حزني
فبكائى ربما أرّقها و بكاها ربما أرقنى
و لقد أشكو فما أفهمها و لقد تشكو فما تفهمنى
غير أنى بالجوى أعرفها و هي أيضا بالجوى تعرفني
قال فما بقي أحد من القوم إلا قام و تواجد،و لم يحصل لهم هذا الوجد من العلم الذي خاضوا فيه،و إن كان العلم جدّا و حقا

الوجه الثاني:أن القرءان محفوظ للأكثرين

، و متكرر على الأسماع و القلوب،و كلما سمع أولا عظم أثره في القلوب و في الكرة الثانية يضعف أثره،و في الثالثة يكاد يسقط أثره،و لو كلف صاحب الوجد الغالب أن يحضر وجده على بيت واحد على الدوام،في مرات متقاربة في الزمان،في يوم أو أسبوع لم يمكنه ذلك،و لو أبدل ببيت آخر لتجدد له أثر في قلبه،و إن كان معربا عن عين ذلك المعنى، و لكن كون النظم و اللفظ غريبا بالإضافة إلى الأول يحرك النفس،و إن كان المعنى واحدا و ليس يقدر القارئ على أن يقرأ قرآنا غريبا في كل وقت،و دعوة،فإن القرءان محصور لا يمكن الزيادة عليه،و كله محفوظ متكرر و إلى ما ذكرناه أشار الصديق رضي اللّه عنه،حيث رأى الأعراب يقدمون فيسمعون القرءان و يبكون،فقال:كنا كما كنتم،و لكن قست قلوبنا،و لا تظنن أن قلب الصدّيق رضي اللّه عنه كان أقسى من قلوب الأجلاف من العرب،و أنه كان أخلى عن حب اللّه تعالى و حب كلامه من قلوبهم،و لكن التكرار على قلبه اقتضى المرون عليه،و قلة التأثر به،لما حصل له من الأنس بكثرة استماعه،إذ محال في العادات أن يسمع السامع آية لم يسمعها قبل فيبكي،ثم يدوم على بكائه عليها عشرين سنة ثم يرددها و يبكى و لا يفارق الأول الآخر

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 189
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست