responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 183

و غلبت عليه الشهوة، لكان يحس من نفسه بنار الشهوة،و لكن لا يدرى أنه يشتاق إلى الوقاع،لأنه ليس يدرى صورة الوقاع،و لا يعرف صورة النساء،فكذلك في نفس الآدمي مناسبة مع العالم الأعلى،و اللذات التي وعد بها في سدرة المنتهى،و الفراديس العلا إلا أنه لم يتخيل من هذه الأمور إلا الصفات و الأسماء،كالذي سمع لفظ الوقاع و اسم النساء و لم يشاهد صورة امرأة قط،و لا صورة رجل،و لا صورة نفسه في المرآة ليعرف بالمقايسة فالسماع يحرك منه الشوق،و الجهل المفرط،و الاشتغال بالدنيا قد أنساه نفسه،و أنساه ربه و أنساه مستقره الذي إليه حنينه و اشتياقه بالطبع،فيتقاضاه قلبه أمرا ليس يدري ما هو فيدهش و يتحير و يضطرب،و يكون كالمختنق الذي لا يعرف طريق الخلاص فهذا و أمثاله من الأحوال التي لا يدرك تمام حقائقها.و لا يمكن المتصف بها أن يعبر عنها،فقد ظهر انقسام الوجد إلى ما يمكن إظهاره،و إلى ما لا يمكن إظهاره و اعلم أيضا أن الوجد ينقسم إلى هاجم،و إلى متكلف و يسمى التواجد،و هذا التواجد المتكلف،فمنه مذموم،و هو الذي يقصد به الرياء،و إظهار الأحوال الشريفة مع الإفلاس منها،و منه ما هو محمود،و هو التوصل إلى استدعاء الأحوال الشريفة و اكتسابها و اجتلابها بالحيلة،فإن للكسب مدخلا في جلب الأحوال الشريفة و لذلك أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم[1]من لم يحضره البكاء في قراءة القرءان أن يتباكى و يتحازن، فإن هذه الأحوال قد تتكلف مباديها،ثم تتحقق أواخرها،و كيف لا يكون التكلف سببا في أن يصير المتكلف في الآخرة طبعا،و كل من يتعلم القرءان أولا يحفظه تكلفا،و يقرؤه تكلفا مع تمام التأمل،و إحضار الذهن،ثم يصير ذلك ديدنا للسان مطردا،حتى يجرى به لسانه في الصلاة و غيرها و هو غافل، فيقرأ تمام السورة و تثوب نفسه إليه بعد انتهائه إلى آخرها،و يعلم أنه قرأها في حال غفلته،و كذلك الكاتب يكتب في الابتداء بجهد شديد،ثم تتمرن على الكتابة يده،فيصير الكتب له طبعا،فيكتب أوراقا كثيرة،و هو مستغرق القلب بفكر آخر،فجميع ما تحتمله النفس و الجوارح

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 183
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست