responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 182

علم يصادفه في قلبه بالذوق،و لا يشك في أن لوقوعه في قلبه سببا،و له عند اللّه تعالى حقيقة،و لا يمكنه الإخبار عنه لا لقصور في لسانه،بل لدقة المعنى في نفسه عن أن تناله العبارة،و هذا مما قد تفطن له المواظبون على النظر في المشكلات

و أما الحال:

فكم من إنسان يدرك في قلبه في الوقت الذي يصبح فيه قبضا أو بسطا و لا يعلم سببه،و قد يتفكر إنسان في شيء فيؤثر في نفسه أثرا فينسى ذلك السبب،و يبقى الأثر في نفسه و هو يحس به،و قد تكون الحالة التي يحسها سرورا ثبت في نفسه،بتفكره في سبب موجب للسرور،أو حزنا فينسى المتفكّر فيه،و يحس بالأثر عقيبه،و قد تكون تلك الحالة حالة غريبة لا يعرب عنها لفظ السرور و الحزن،و لا يصادف لها عبارة مطابقة مفصحة عن المقصود،بل ذوق الشعر الموزون، و الفرق بينه و بين غير الموزون يختص به بعض الناس دون بعض،و هي حالة يدركها صاحب الذوق،بحيث لا يشك فيها،أعنى التفرقة بين الموزون و المنزحف،فلا يمكنه التعبير عنها بما يتضح مقصوده به لمن لا ذوق له،و في النفس أحوال غريبة هذا وصفها، بل المعاني المشهورة من الخوف و الحزن و السرور،إنما تحصل في السماع عن غناء مفهوم،و أما الأوتار و سائر النغمات التي ليست مفهومة،فإنها تؤثر في النفس تأثيرا عجيبا،و لا يمكن التعبير عن عجائب تلك الآثار،و قد يعبر عنها بالشوق و لكن شوق لا يعرف صاحبه المشتاق إليه فهو عجيب،و الذي اضطرب قلبه بسماع الأوتار أو الشاهين و ما أشبهه،ليس يدرى إلى ما ذا يشتاق و يجد في نفسه حالة كأنها تتقاضى أمرا ليس يدرى ما هو،حتى يقع ذلك للعوام،و من لا يغلب على قلبه لا حب آدمي و لا حب اللّه تعالى،و هذا له سر،و هو أن

كل شوق فله ركنان

أحدهما:صفة المشتاق و هو نوع مناسبة مع المشتاق إليه و الثاني:معرفة المشتاق إليه،و معرفة صورة الوصول إليه،فإن وجدت الصفة التي بها الشوق،و وجد العلم بصورة المشتاق إليه،كان الأمر ظاهرا،و إن لم يوجد العلم بالمشتاق و وجدت الصفة المشوقة و حركت قلبك الصفة و اشتعلت نارها،أورث ذلك دهشة و حيرة لا محالة،و لو نشأ آدمي وحده بحيث لم ير صورة النساء،و لا عرف صورة الوقاع،ثم راهق الحلم

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 182
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست