responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 173

و لكنه بالإضافة إلى اختلاف أحوالهما لا يتناقض،كما حكي عن عتبة الغلام أنه سمع رجلا يقول
سبحان جبار السما إن المحب لفي عنا
فقال:صدقت،و سمعه رجل آخر فقال:كذبت، فقال بعض ذوي البصائر أصابا جميعا و هو الحق،فالتصديق كلام محب غير ممكّن من المراد،بل مصدود متعب بالصد و الهجر، و التكذيب كلام مستأنس بالحب مستلذ لما يقاسيه بسبب فرط حبه غير متأثر به،أو كلام محب غير مصدود عن مراده في الحال،و لا مستشعر بخطر الصد في المآل و ذلك لاستيلاء الرجاء و حسن الظن على قلبه،فباختلاف هذه الأحوال يختلف الفهم و حكى عن أبي القاسم بن مروان و كان قد أصحب أبا سعيد الخراز رحمه اللّه و ترك حضور السماع سنين كثيرة،فحضر دعوة و فيها إنسان يقول
واقف في الماء عطشا ن و لكن ليس يسقى
فقام القوم و تواجدوا،فلما سكنوا سألهم عن معنى ما وقع لهم من معنى البيت،فأشاروا إلى التعطش إلى الأحوال الشريفة و الحرمان منها مع حضور أسبابها فلم يقنعه ذلك،فقالوا له فما ذا عندك فيه؟فقال أن يكون في وسط الأحوال،و يكرم بالكرامات،و لا يعطى منها ذرة، و هذه إشارة إلى إثبات حقيقة وراء الأحوال و الكرامات،و الأحوال سوابقها و الكرامات تسنح في مباديها،و الحقيقة بعد لم يقع الوصول إليها،و لا فرق بين المعنى الذي فهمه و بين ما ذكروه،إلا في تفاوت رتبة المتعطش إليه،فإن المحروم عن الأحوال الشريفة أولا يتعطش إليها،فإن مكن منها تعطش إلى ما وراءها،فليس بين المعنيين اختلاف في الفهم،بل الاختلاف بين الرتبتين و كان الشبلي رحمه اللّه كثيرا ما يتواجد على هذا البيت:


ودادكم هجر و حبكم قلى و وصلكم صرم و سلمكم حرب
و هذا البيت يمكن سماعه على وجوه مختلفة،بعضها حق و بعضها باطل،و أظهرها أن يفهم هذا في الخلق،بل في الدنيا بأسرارها،بل في كل ما سوى اللّه تعالى،فإن الدنيا مكارة

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 173
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست