responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 172

يعلم أنه سبحانه و تعالى يلون و لا يتلون،و يغير و لا يتغير،بخلاف عباده و ذلك العلم يحصل للمريد باعتقاد تقليدي إيمانى،و يحصل للعارف البصير بيقين كشفي حقيقي،و ذلك من أعاجيب أوصاف الربوبية و هو المغير من غير تغير،و لا يتصور ذلك إلا في حق اللّه تعالى بل كل مغير سواه فلا يغيره ما لم يتغير،و من أرباب الوجد من يغلب عليه حال مثل السكر المدهش،فيطلق لسانه بالعتاب مع اللّه تعالى،و يستنكر اقتهاره للقلوب و قسمته للأحوال الشريفة على تفاوت،فإنه المستصفى لقلوب الصديقين، و المبعد لقلوب الجاحدين و المغرورين فلا مانع لما أعطى،و لا معطي لما منع،و لم يقطع التوفيق عن الكفار لجناية متقدمة،و لا أمد الأنبياء عليهم السلام بتوفيقه و نور هدايته لوسيلة سابقة،و لكنه قال وَ لَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنٰا لِعِبٰادِنَا الْمُرْسَلِينَ [1]و قال عز و جل: وَ لٰكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النّٰاسِ أَجْمَعِينَ [2]و قال تعالى إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنىٰ أُولٰئِكَ عَنْهٰا مُبْعَدُونَ [3]فإن خطر ببالك أنه لم اختلفت السابقة،و هم في ربقة العبودية مشتركون نوديت من سرادقات الجلال لا تجاوز حد الأدب،فإنه لا يسأل عما يفعل و هم يسألون و لعمري تأدب اللسان و الظاهر مما يقدر عليه الأكثرون،فأما تأدب السر عن إضمار الاستبعاد،بهذا الاختلاف الظاهر في التقريب و الإبعاد،و الإشقاء و الإسعاد مع بقاء السعادة و الشقاوة أبد الآباد،فلا يقوى عليه إلا العلماء الراسخون في العلم،و لهذا قال الخضر عليه السلام لما سئل عن السماع في المنام أنه الصفو الزلال الذي لا يثبت عليه إلا أقدام العلماء،لأنه محرك لأسرار القلوب و مكامنها،و مشوش لها تشويش السكر المدهش الذي يكاد يحل عقدة الأدب عن السر،إلا ممن عصمه اللّه تعالى بنور هدايته،و لطيف عصمته و لذلك قال بعضهم ليتنا نجونا من هذا السماع رأسا برأس، ففي هذا الفن من السماع خطر يزيد على خطر السماع المحرك للشهوة،فإن غاية ذلك معصية و غاية الخطأ هاهنا كفر و اعلم أن الفهم قد يختلف بأحوال المستمع،فيغلب الوجد على مستمعين لبيت واحد و أحدهما مصيب في الفهم،و الآخر مخطئ،أو كلاهما مصيبان،و قد فهما معنيين مختلفين متضادين


[1] الصفات:171

[2] السجدة:13

[3] الأنبياء:101

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 172
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست