responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 171

فإذا شاب حسن تحت المنظرة،و بيده ركوة،و عليه مرقعة يستمع،فقال يا جارية باللّه و بحياة مولاك ألا أعدت عليّ هذا البيت.فأعادت فكان الشاب يقول هذا و اللّه تلوّنى مع الحق في حالي،فشهق شهقة و مات،قال فقلنا قد استقبلنا فرض فوقفنا،فقال صاحب القصر للجارية أنت حرة لوجه اللّه تعالى،قال ثم إن أهل البصرة خرجوا فصلوا عليه فلما فرغوا من دفنه قال صاحب القصر:أشهدكم أن كل شيء لي في سبيل اللّه،و كل جواري أحرار،و هذا القصر للسبيل،قال ثم رمى بثيابه،و اتزر بإزار،و ارتدى بآخر،و مر على وجهه و الناس ينظرون إليه،حتى غاب عن أعينهم و هم يبكون فلم يسمع له بعد خبر و المقصود أن هذا الشخص كان مستغرق الوقت بحاله مع اللّه تعالى،و معرفة عجزه عن الثبوت على حسن الأدب في المعاملة،و تأسفه على تقلب قلبه،و ميله عن سنن الحق، فلما قرع سمعه ما يوافق حاله سمعه من اللّه تعالى كأنه يخاطبه،و يقول له:


كل يوم تتلون غير هذا بك أحسن
و من كان سماعه من اللّه تعالى و على اللّه و فيه،فينبغي أن يكون قد أحكم قانون العلم في معرفة اللّه تعالى،و معرفة صفاته،و إلا خطر له من السماع في حق اللّه تعالى ما يستحيل عليه و يكفر به،ففي سماع المريد المبتدي خطر،إلا إذا لم ينزل ما يسمع إلا على حاله من حيث لا يتعلق بوصف اللّه تعالى، و مثال الخطأ فيه هذا البيت بعينه،فلو سمعه في نفسه و هو يخاطب به ربه عز و جل،فيضيف التلون إلى اللّه تعالى فيكفر،و هذا قد يقع عن جهل محض مطلق غير ممزوج بتحقيق،و قد يكون عن جهل ساقه إليه نوع من التحقيق،و هو أن يرى تقلب أحوال قلبه،بل تقلب أحوال سائر العالم من اللّه و هو حق،فإنه تارة يبسط قلبه،و تارة يقبضه، و تارة ينوره،و تارة يظلمه،و تارة يقسيه،و تارة يلينه،و تارة يثبته على طاعته و يقويه عليها،و تارة يسلط الشيطان عليه ليصرفه عن سنن الحق،و هذا كله من اللّه و من يصدر منه أحوال مختلفة في أوقات متقاربة فقد يقال له في العادة إنه ذو بداوات و أنه متلون،و لعقل الشاعر لم يرد به إلا نسبة محبوبه إلى التلون في قبوله ورده،و تقريبه و إبعاده،و هذا هو المعنى فسماع هذا كذلك في حق اللّه تعالى كفر محض، بل ينبغي أن

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 6  صفحه : 171
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست