responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 3  صفحه : 41

السادس:أن يكون قلبه بعد الإفطار معلقا مضطربا بين الخوف و الرجاء

،إذ ليس يدرى أ يقبل صومه فهو من المقربين،أو يرد عليه فهو من الممقوتين.و ليكن كذلك في آخر كل عبادة يفرغ منها،فقد روى عن الحسن بن أبي الحسن البصري أنه مر بقوم و هم يضحكون فقال:

«إن اللّٰه عز و جل جعل شهر رمضان مضمارا لخلقه يستبقون فيه لطاعته،فسبق قوم ففازوا، و تخلف أقوام فخابوا،فالعجب كل العجب للضاحك اللاعب في اليوم الذي فاز فيه السابقون و خاب فيه المبطلون!أما و اللّٰه لو كشف الغطاء لاشتغل المحسن بإحسانه و المسيء بإساءته!أي كان سرور المقبول يشغله عن اللعب،و حسرة المردود تسد عليه باب الضحك .و عن الأحنف بن قيس أنه قيل له إنك شيخ كبير و إن الصيام يضعفك،فقال إنى أعده لسفر طويل،و الصبر على طاعة اللّٰه سبحانه أهون من الصبر على عذابه.فهذه هي المعاني الباطنة في الصوم فان قلت:فمن اقتصر على كف شهوة البطن و الفرج و ترك هذه المعاني فقد قال الفقهاء:

صومه صحيح،فما معناه؟ فاعلم أن فقهاء الظاهر يثبتون شروط الظاهر بأدلة هي أضعف من هذه الأدلة التي أوردناها في هذه الشروط الباطنة،لا سيما الغيبة و أمثالها،و لكن ليس إلى فقهاء الظاهر من التكليفات إلا ما يتيسر على عموم الغافلين المقبلين على الدنيا الدخول تحته،فأما علماء الآخرة فيعنون بالصحة القبول،و بالقبول الوصول إلى المقصود،و يفهمون أن المقصود من الصوم التخلق بخلق من أخلاق اللّٰه عز و جل،و هو الصمدية،و الاقتداء بالملائكة في الكف عن الشهوات بحسب الإمكان،فإنهم منزهون عن الشهوات،و الإنسان رقبته فوق رتبة البهائم لقدرته بنور العقل على كسر شهوته،و دون رتبة الملائكة لاستيلاء الشهوات عليه و كونه مبتلى بمجاهدتها فكلما انهمك في الشهوات انحط إلى أسفل السافلين،و التحق بغمار البهائم،و كلما قمع الشهوات ارتفع إلى أعلى عليين،و التحق بأفق الملائكة ،و الملائكة مقربون من اللّٰه عز و جل،و الذي يقتدى بهم و يتشبه بأخلاقهم يقرب من اللّٰه عز و جل كقربهم،فان الشبيه من القريب قريب ،و ليس القرب ثمّ بالمكان بل بالصفات و إذا كان هذا سر الصوم عند أرباب،الألباب و أصحاب القلوب،فأي جدوى لتأخير أكلة و جمع أكلتين عند العشاء،مع الانهماك في الشهوات الأخر طول النهار؟و لو كان لمثله جدوى

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 3  صفحه : 41
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست