responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 3  صفحه : 40

بكثرته لا بنوعه،فالصوم لتقليله.و تارك الاستكثار من الدواء خوفا من ضرره إذا عدل إلى تناول السم كان سفيها،و الحرام سم مهلك للدين،و الحلال دواء ينفع قليله و يضر كثيره و قصد الصوم تقليله.و قد قال صلّى اللّٰه عليه و سلم:[1]«كم من صائم ليس له من صومه إلاّ الجوع و العطش»فقيل هو الذي يفطر على الحرام،و قيل هو الذي يمسك عن الطعام الحلال و يفطر على لحوم الناس بالغيبة و هو حرام،و قيل هو الذي لا يحفظ جوارحه عن الآثام

الخامس:أن لا يستكثر من الطعام الحلال وقت الإفطار

بحيث يمتلئ جوفه،فما من وعاء أبغض إلى اللّٰه عز و جل من بطن ملئ من حلال،و كيف يستفاد من الصوم قهر عدو اللّٰه و كسر الشهوة إذا تدارك الصائم عند فطره ما فاته ضحوة نهاره،و ربما يزيد عليه في ألوان الطعام حتى استمرت العادات بأن تدخر جميع الأطعمة لرمضان فيؤكل من الأطعمة فيه ما لا يؤكل في عدة أشهر.و معلوم أن مقصود الصوم الخواء و كسر الهوى،لتقوى النفس على التقوى،و إذا دفعت المعدة من ضحوة نهار إلى العشاء حتى هاجت شهوتها و قويت رغبتها ثم أطعمت من اللذات و أشبعت زادت لذتها و تضاعفت قوتها،و انبعث من الشهوات ما عساها كانت راكدة لو تركت على عادتها.فروح الصوم و سره تضعيف القوى التي هي وسائل الشيطان في العود إلى الشرور و لن يحصل ذلك إلا بالتقليل،و هو أن يأكل أكلته التي كان يأكلها كل ليلة لو لم يصم، فأما إذا جمع ما كان يأكل ضحوة إلى ما كان يأكل ليلا فلم ينتفع بصومه ،بل من الآداب أن لا يكثر النوم بالنهار حتى يحس بالجوع و العطش و يستشعر ضعف القوى،فيصفو عند ذلك قلبه،و يستديم في كل ليلة قدرا من الضعف حتى يخف عليه تهجده و أوراده،فعسى الشيطان أن لا يحوم على قلبه فينظر إلى ملكوت السماء و ليلة القدر عبارة عن الليلة التي ينكشف فيها شيء من الملكوت و هو المراد بقوله تعالى: (إِنّٰا أَنْزَلْنٰاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [1]) و من جعل بين قلبه و بين صدره مخلاة من الطعام فهو عنه محجوب،و من أخلى معدته فلا يكفيه ذلك لرفع الحجاب ما لم يخل همته عن غير اللّٰه عز و جل،و ذلك هو الأمر كله ،و مبدأ جميع ذلك تقليل الطعام.و سيأتي له مزيد بيان في كتاب الأطعمة،إن شاء اللّٰه عز و جل


[1] القدر:1

نام کتاب : إحياء علوم الدين نویسنده : الغزالي، أبو حامد    جلد : 3  صفحه : 40
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست